

بدأت المباراة بطريقة مذهلة وانتهت بالطريقة عينها. تأهّل حامل اللقب ريال مدريد إلى ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، لكنّه احتاج إلى واحدة من أغرب ركلات الترجيح التي قد تراها على الإطلاق، ليتخطّى غريمه أتلتيكو مدريد.
تقدّم أتلتيكو بهدف الإنكليزي كونور غالاغر بعد 27 ثانية فقط، لكن ما تلا ذلك كان مواجهة شاقة مع فرص قليلة واضحة، ممّا جعل الهدف في النهاية يقود المباراة إلى ركلات الترجيح. كانت هذه المباراة الأبرز في ليلة شهدت تعادل أرسنال مع أيندهوفن بعدما حسم الأمر ذهاباً، وإنهاء أستون فيلا لمهمّته ضدّ كلوب بروج، وإقصاء بوروسيا دورتموند لليل.
ريال يحصل على قدر هائل من الحظ
بعد أكثر من 210 دقائق، لم يكن هناك شيء يفصل بين غريمَي العاصمة ريال وأتلتيكو سوى ركلات الترجيح. وبالطبع، كان لا بُدّ من أن تكون مليئة بالدراما.
بدأت الأمور بطريقة معتادة إلى حَدٍ ما، إذ سدّد كيليان مبابي وألكسندر سورلوث ركلتَي الترجيح بثقة لريال وأتلتيكو توالياً. وكان فينيسيوس جونيور غائباً بشكل ملحوظ عن قائمة مسدّدي الركلات لريال بعد أن استُبدِل بمواطنه إندريك (18 عاماً)، في الوقت الإضافي. هل كان لهذا علاقة بركلته السيئة التي أطاح بها فوق العارضة؟ من المؤكّد أنّه كان جزءاً من تفكير المدرب كارلو أنشيلوتي.
بعد أن منح جود بيلينغهام التقدّم لريال، تقدّم جوليان ألفاريز لتنفيذ ركلته - ويُعتمد عليه عادةً في مثل هذه المواقف. للوهلة الأولى، بدا أنّه سجّلها بنجاح، على رغم من أنّه تعثر قليلاً أثناء التسديد. لكنّ احتفالاته كانت باهتة، ربما كان ذلك إشارة إلى أنّه أدرك أنّ هناك شيئاً غير صحيح. وبعد لحظات، وسط بعض الارتباك في الملعب، ألغيَ هدفه بعد مراجعة حكم الفيديو المساعد (VAR).
وفقاً للـ VAR، اصطدمت الكرة بقدمه الثابتة أثناء تسديدها في المرمى، ممّا جعلها غير قانونية، إذ تنصّ المادة 10 من قوانين المجلس الدولي لكرة القدم (IFAB) على أنّ «اللاعب المُنفِّذ لا يجوز لَه لمس الكرة مرّة ثانية». استناداً إلى ردّ الفعل المتأخّر في ملعب «ميتروبوليتانو»، استغرق الأمر بعض الوقت حتى تنتشر الأخبار.
لزيادة التوتر، تصدّى يان أوبلاك لركلة لوكاس فاسكيز الذي نفّذها بطريقة متردّدة وبإيقاع متقطّع. لم يبدُ واثقاً أبداً، فكانت تسديدته ضعيفة.
على النقيض من ذلك، لم يتردّد ماركوس يورنتي في تسديد كرته بقوة نحو الزاوية العليا. لكنّها اصطدمت بالعارضة. يبدو أنّك لا تعرف أبداً متى سيُخطئ أحدهم في التنفيذ.
مع تأهل ريال إلى ربع النهائي على المحك، أُرسِل أنطونيو روديغر لتسديد الركلة الخامسة. تقدّم المدافع الألماني نحو الكرة بطريقة مباشرة، ممّا جعل التسديدة تبدو غير مريحة بعض الشيء، وبدا أنّ أوبلاك قرأ اتجاه التسديدة. لكن تماماً عندما بدا أنّ السلوفيني سيُبقي على فريقه في ركلات الترجيح بعدما لمس الكرة بيده، انزلقت الكرة من تحت أصابعه وارتدّت إلى داخل الشباك خلفه.
وبينما كان الضيوف يحتفلون أمام جماهيرهم، بقيَ أوبلاك واقفاً بين القائمَين، وكأنّه في حالة صدمة ممّا حدث للتو.
كيف يبدو مشهد ربع النهائي؟
هناك بعض الوجوه الجديدة في ربع نهائي دوري الأبطال، وبعض الوجوه المعتادة.
في حين فاز أستون فيلا بالبطولة عام 1982، عندما كانت تُعرف باسم «كأس أوروبا»، فإنّها المرّة الأولى التي يشارك فيها في المسابقة بصيغتها الحالية. بالتالي، يُعدّ وصوله إلى ربع النهائي إنجازاً تاريخياً.
وسيواجه باريس سان جيرمان في دور الـ8، الذي أصبح، على غير المتوقع، أحد المرشحين بقوة للفوز باللقب لأول مرّة. منذ بداية العام، كان سان جيرمان الأكثر ثباتاً في الأداء على مستوى أوروبا، ومع عثمان ديمبيلي، الذي سجّل 21 هدفاً، لديه أيضاً أحد أكثر اللاعبين تألقاً.
في مكانٍ آخر، يُتوقّع أن يكون برشلونة الأوفر حظاً أمام دورتموند، على رغم من أنّ الأخير اعتاد الوصول إلى الأدوار المتقدّمة. وسيلتقي الفائز من هذه المواجهة مع بايرن ميونيخ أو إنتر ميلان، عملاقَي القارة. وبجانب سان جيرمان، يُنظر إلى برشلونة وبايرن وإنتر على أنّهم في المستوى الثاني من المرشحين.
لكن، بالطبع، يظل ريال الفريق الأكثر ترجيحاً للفوز باللقب مجدّداً، إذ سيواجه أرسنال الذي يمرّ بفترة تراجع في الـ»بريميرليغ» أخّيراً. والفائز سيواجه سان جيرمان أو أستون فيلا. ومهما كان مستوى خصمه، فإنّ ريال في دوري الأبطال: وكما أثبتت ليلة الأربعاء، فإنّه ببساطة يجد طريقاً للفوز.
لحظة فارقة لسترلينغ؟
لم يكن انتقال رحيم سترلينغ معاراً إلى أرسنال بمثابة نقطة تحوّل كما كان يأمل، لكنّه أظهَر لمحات من مستواه القديم في التعادل 2-2 مع أيندهوفن.
وعلى رغم من النقص الحاد في المهاجمين لأرسنال بسبب الإصابات، لم يحصل سترلينغ على الكثير من الفرص. لكنّه سجّل تمريرتَين حاسمتَين، ممّا قد يمنحه فرصة جديدة في الأدوار المقبلة.
هل يمكن لأسينسيو اللعب ضدّ PSG؟
سجّل ماركو أسينسيو هدفَين لفيلا ضدّ بروج، ممّا جعله يواجه ناديه الأصلي سان جيرمان في ربع النهائي.
على عكس الـ«بريميرليغ»، حيث يُمنع اللاعبون المعارون من مواجهة أنديتهم الأصلية، يُسمح لهم بذلك في دوري الأبطال. وقد شهد التاريخ حالات مشابهة، مثل تيبو كورتوا مع أتلتيكو ضدّ تشلسي، وفيليب كوتينيو الذي سجّل ضدّ برشلونة أثناء إعارته إلى بايرن.
نظراً لأداء سان جيرمان القوي، سيحتاج أوناي إيمري إلى كل سحر أسينسيو لتحقيق مفاجأة.
عرض حارس ينافس تألّق أليسون ضدّ PSG
لم يسبق لليل أن تقدّم إلى هذا الدور، وبدا لبعض الوقت أنّه قد يصنع التاريخ، ويرجع الفضل في ذلك، إلى حدّ كبير، إلى تألّق الحارس لوكاس شوفالييه.
سجّل المهاجم الكندي جوناثان ديفيد، هدف التقدّم لليل مبكراً بيسراه ومرّت بين قدمَي الحارس غريغور كوبيل. لكنّ اللحظة الأبرز في الشوط الأول جاءت من شوفالييه الذي بسلسلة من التصدّيات المتتالية منع دورتموند من تسجيل هدف التعادل من ركلة ركنية.
كانت أولى هذه التصدّيات ربّما الأفضل. قفز جوليان براندت أعلى من الجميع عند القائم القريب ليوجّه عرضية من جوليان ريرسون، برأسه نحو المرمى، ممّا استدعى ردّ فعل سريع من شوفالييه، الذي لم يُبعِد الكرة عن منطقة الخطر.
تحرّك سيرهو غيراسي، الذي يلاحق رافينيا في سباق الحذاء الذهبي، بسرعة لمحاولة استغلال الكرة المرتدة، لكنّه لم يتمكن من التسديد بسبب ضغط مدافعي ليل الذين كانوا يحيطون به. ومع ذلك، تمكن شوفالييه من لمس الكرة مجدداً، لكنّه دفعها باتجاه براندت، الذي أطلق تسديدة قوية على المرمى.
مرّت تسديدة براندت من الحارس، لكنّ المدافع إيسمايلي كان في المكان المناسب لإبعاد الكرة من على خط المرمى. ارتدّت الكرة إلى شوفالييه، الذي سقط ممسكاً بها برأسه على الأرض، ربما غير مصدِّق أنّها لم تدخل الشباك.
كان هذا الدور مليئاً بعروض رائعة لحراس المرمى، بدءاً من أداء أليسون في فوز ليفربول 1-0 ذهاباً على سان جيرمان.
وكما هو الحال مع سان جيرمان، الذي فرض تفوّقه ذهاباً وإياباً بفضل تألق حارسه جيانلويجي دوناروما في ركلات الترجيح، كان لدورتموند اليد العليا في الشوط الثاني بفضل خبرته في دوري الأبطال.
سجّل إيمري تشان ركلة جزاء مثيرة للجدل لم يكن ليل راضياً عن احتسابها، وبعد أكثر من 10 دقائق بقليل، أطلق المهاجم ماكسيميليان باير، تسديدة رائعة من حافة منطقة الجزاء استقرّت في الزاوية العليا للمرمى.