إسرائيل تبدأ عملية عسكرية "واسعة" في الضفة الغربية
فاطمة عبد الكريم- نيويورك تايمز
إيزابيل كيرشنر- نيويورك تايمز
Wednesday, 22-Jan-2025 06:37

أعلنت إسرائيل قرار بدء عملية عسكرية «واسعة» في الضفة الغربية، بعد وقت قصير من إلغاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقوبات فرضتها إدارة بايدن على المستوطنين الإسرائيليّين، في الوقت الذي هاجم متطرّفون يهود قرى فلسطينية احتجاجاً على وقف إطلاق النار في غزة.

بدأت قوات الأمن الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، عملية عسكرية في جنين، المدينة الفلسطينية الواقعة في الضفة الغربية المحتلة من قِبل إسرائيل، التي أصبحت بؤرة للعنف المسلح، وذلك بعد أيام من بدء تنفيذ وقف إطلاق النار الموقت في غزة.

 

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان، أنّ العملية تهدف إلى «القضاء على الإرهاب» وستكون «واسعة ومهمّة». وأفادت وزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية أنّ 6 أشخاص قتلوا وأصيب ما لا يقلّ عن 35 آخرين خلال الساعات الأولى من العملية. تأتي هذه العملية في ظل تصاعد حاد للتوترات في الضفة الغربية، حيث زاد نفوذ المسلّحين الفلسطينيّين وارتفعت وتيرة عنف المستوطنين ضدّ المدنيّين الفلسطينيّين.

 

يوم الاثنين، ألغى الرئيس ترامب عقوبات فرضتها إدارة بايدن على عشرات الأفراد والجماعات الإسرائيلية اليمينية المتطرّفة التي اتُهمت بممارسة العنف ضدّ الفلسطينيّين والاستيلاء على ممتلكاتهم أو تدميرها.

 

جاء هذا الإجراء بعد وقت قصير من تولّي ترامب منصبه، بينما شنّ متطرّفون يهود هجمات على قرى فلسطينية عدة، وأضرموا النار في مركبات وممتلكات، وفقاً لمسؤولين فلسطينيّين والجيش الإسرائيلي.

 

تنفّذ السلطة الفلسطينية، التي تمارس سيطرة محدودة على أجزاء من الضفة الغربية، عملية خاصة بها ضدّ المسلحين في جنين في الأسابيع الأخيرة، بعد أن تركت إلى حَدّ كبير مسؤولية الأمن في المنطقة لإسرائيل.

 

خلال العام الماضي، نفّذ الجيش الإسرائيلي غارات مميتة وهجمات بالطائرات المسيّرة في شمال الضفة الغربية استهدفت مسلّحين فلسطينيّين. ودمّرت الغارات شوارع وأثارت الخوف بين السكان الفلسطينيّين.

 

وأكّد سكان وشهود عيان في جنين أمس، أنّ مستشفى «الأمل» كان محاصراً من قِبل القوات الإسرائيلية وتعرّض إلى إطلاق النار. وأضافت كاميلا محمود (22 عاماً)، وهي من سكان جنين، في مقابلة هاتفية: «كأنّهم جاءوا إلينا مباشرةً من غزة بمركبات كبيرة وإطلاق نار مكثف وطائرات مسيّرة».

 

وأشار السكان إلى أنّ ضباط أمن من السلطة الفلسطينية ومسعفين كانوا بين المصابين.

 

واستباقاً للغارة على جنين، أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هاليفي، في بيان يوم الاثنين، بعد يوم من بدء تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة، أنّ على إسرائيل أن «تكون مستعدة لعمليات مكافحة إرهاب كبيرة» في الضفة الغربية في الأيام المقبلة «لمنع واعتقال الإرهابيّين قبل أن يصلوا إلى مواطنينا».

 

ويعيش ما يقرب من نصف مليون مستوطن و2,7 مليون فلسطيني في الضفة الغربية. والفلسطينيّون ومعظم دول العالم يَرون في هذه المنطقة جزءاً من دولة فلسطينية مستقلة في المستقبل بجانب إسرائيل، ويعتبرون المستوطنات اليهودية غير قانونية.

 

من المتوقع أن تتخذ إدارة ترامب موقفاً مؤيّداً لإسرائيل بشكل قوي، على رغم من أنّ ترامب أرسل إشارات متناقضة. وطوّر بعض قادة المستوطنين علاقات وثيقة مع مساعدي ترامب على مدار السنوات، بمن فيهم مايك هاكابي، المرشح لمنصب السفير الأميركي المقبل لدى القدس. وكان إلغاء العقوبات واحداً من سلسلة أوامر تنفيذية وقّعها ترامب مباشرة بعد تنصيبه. وانتقد المسؤولون الفلسطينيّون بشدة هذه الخطوة، لأنّها «قد تشجّع على مزيد من العنف».

 

وطالبت شخصيات متشدّدة من حكومة نتنياهو اليمينية وزعماء المستوطنين بإلغاء العقوبات، التي فرضها الرئيس بايدن بموجب أمر تنفيذي وقّعه قبل ما يقرب من عام.

تزامن الإلغاء مع ليلة ثانية متتالية من العنف في الضفة الغربية، إذ احتجّ المستوطنون المتطرّفون على وقف إطلاق النار في غزة بعد 15 شهراً من الحرب التي أشعلها هجوم «حماس» على إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023.

 

ويعارض أعضاء اليمين المتطرّف في حكومة نتنياهو وقف إطلاق النار، الذي تنصّ المرحلة الأولى منه على هدنة مدتها 6 أسابيع وتبادل أسبوعي لـ33 أسيراً إسرائيلياً محتجزين في غزة مقابل مئات الأسرى الفلسطينيّين.

 

ولم يتمّ بعد التفاوض على تفاصيل المرحلة الثانية من الاتفاق، لكنّها تنصّ على أن تصبح الهدنة الموقتة دائمة، وأن تنسحب القوات الإسرائيلية بالكامل من غزة. ويعارض اليمين المتطرّف الإسرائيلي وقف الحرب في غزة قبل القضاء على «حماس»، ويريد أن يبقى الجيش الإسرائيلي في القطاع الفلسطيني لتمهيد الطريق لاستيطان يهودي مستقبلي هناك.

 

وكان الضغط الذي مارسه ترامب ومبعوثه، ستيف ويتكوف، حاسماً في المساعدة على إبرام الصفقة بين إسرائيل و«حماس»، كما ساهم في ذلك مسؤولون من إدارة بايدن قضوا أشهراً في التفاوض عليها وعلى قضايا أخرى. وحذّر ترامب من أنّه ستكون هناك «عواقب وخيمة» إذا لم يُفرج عن الرهائن الإسرائيليّين قبل تنصيبه.

 

لكن عندما سُئل ترامب يوم الاثنين عمّا إذا كان يعتقد أنّ وقف إطلاق النار في غزة سيستمرّ، أكّد أنّه «غير واثق. هذه ليست حربنا. إنّها حربهم. لكنّني أعتقد أنّهم في الجانب الآخر ضعفاء جداً»، في إشارة واضحة إلى «حماس».

وأكّد المستوطنون المتطرّفون أنّهم سيحاولون منع الأسرى الفلسطينيّين الذين يُطلق سراحهم بموجب شروط الصفقة، من العودة إلى منازلهم.

 

وإحدى البلدات الفلسطينية التي هوجِمت من قِبل المستوطنين يوم الاثنين، كانت بلدة الفندق، شمال الضفة الغربية، حيث أطلق مسلّحون فلسطينيّون، يُعتقد أنّهم جاءوا من بلدة أخرى، النار على حافلة مدنية وسيارات، ممّا أسفر عن مقتل 3 إسرائيليين في وقت سابق.

 

وأوضح لؤي طيم، رئيس بلدية الفندق، إنّ عشرات المستوطنين الإسرائيليّين بدأوا بمهاجمة البلدة، بالإضافة إلى بلدة جينصافوط المجاورة، مساءً يوم الاثنين، واستمرّ الهجوم لنحو 3 ساعات قبل أن يُفرَّقوا من قبل قوات الأمن الإسرائيلية. وأضاف في مقابلة هاتفية، أنّهم حطّموا نوافذ السيارات، وأحرقوا مشتلاً زراعياً وجرافتَين، وحاولوا إشعال النار في منزل.

الأكثر قراءة