"الثنائي" والحكومة: حسابات المشاركة والمقاطعة
عماد مرمل
Friday, 17-Jan-2025 06:30
من المفترض أن يعطي الاجتماع المقرّر اليوم بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلّف نواف سلام مؤشراً إلى الاتجاه الذي ستتخذه علاقة سلام بـ»الثنائي الشيعي» في المرحلة المقبلة، واحتمال مشاركة «حزب الله» وحركة «أمل» في الحكومة الجديدة من عدمه.

من حيث المبدأ، يبدي سلام حرصاً على معالجة هواجس الثنائي المستجدة وعدم كسر «الجرّة» معه، لمعرفته أن ليس من مصلحته ولا من مصلحة البلد تشكيل حكومة مبتورة التمثيل ومنقوصة التكوين في بداية العهد الجديد.

 

ووفق ما نُقل عن سلام خلال لقائه مع بعض النواب في سياق استشارات التأليف، فهو يعتبر انّ هناك خيارين أمامه، لا غير، وهما التفاهم او التفاهم.

 

أما بالنسبة إلى طرفي «الثنائي» فإنّ كل الاحتمالات واردة لديهما تبعاً للمنحى الذي سيتخذه نقاشهما مع سلام حول التمثيل الشيعي في الحكومة المقبلة، علماً انّ هذا النقاش سيكون مثقلاً بوطأة الأزمة التي نتجت مما يعتبره الحليفان فرض أمر واقع خلال استشارات التكليف، فوق أنقاض تفاهمات مسبقة كانت تقضي في أحد بنودها بتسمية نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة.

 

ويبدو أنّ هناك طرحين قيد البحث في بعض أروقة «الثنائي»:

الأول يحبذ مقاطعة الحكومة المقبلة، ما لم يُعط طرفا التحالف الشيعي كل ما يريدانه من دون نقصان، خصوصاً انّهما فقدا أساساً «شهية» المشاركة بفعل طريقة تسمية الرئيس المكلّف وما عكسته من اتجاه إقصائي لـ»حزب الله» وحركة «أمل» على حساب التوازن الميثاقي، وهو أمر كان يستحق لوحده الامتناع عن المشاركة احتجاجاً.

 

ويعتبر المتحمسون لهذا الطرح، انّ الحكومة المقبلة هي اصلاً انتقالية ولن تبقى في السلطة اكثر من سنة وبضعة أشهر ربطاً بموعد الانتخابات النيابية السنة المقبلة، وبالتالي لا بأس خلال هذه الفترة في أن يرجع «الثنائي» إلى موقع المعارضة ويتفرّغ لإعادة ترتيب صفوفه وبيئته، تاركاً التركيبة الجديدة تتخبّط لوحدها في الملفات والأزمات المعقّدة، ثم يعود إلى الحكم من الباب العريض على متن موجة شعبية مضاعفة وجارفة ستفرزها الانتخابات النيابية الآتية.

 

في المقابل، يوجد رأي آخر داخل أوساط «الثنائي» يشدّد على أهمية الدخول إلى الحكومة الأولى في عهد رئيس الجمهورية جوزاف عون، للأسباب الآتية:

ـ إنّ ما جرى من متغيّرات استراتيجية في الآونة الأخيرة بات يتطلّب مقاربة جديدة وغير تقليدية للإشكاليات والحلول.

ـ إنّ اجندة المرحلة المقبلة مزدحمة بتحدّيات اقتصادية ومالية واصلاحية وإعمارية، تتطلّب قرارات حاسمة ومفصلية، ما يستوجب من «الثنائي» ان يكون مساهماً أساسياً في صنعها وليس مستثنى منها.

ـ إنّ الواقعية والبراغماتية تستدعيان التكيّف مع التحولات الكبيرة بمرونة وذكاء، بما يتطلبه ذلك من انخراط في الحكومة من موقع الشريك، مع التمسّك في الوقت نفسه بأدوات الاعتراض الديموقراطي المشروع، سواء من داخل الحكومة نفسها او عبر الضغط الشعبي، حين تتطلّب الضرورة ذلك.

ـ إذا قرر «الثنائي»، وخصوصاً» حزب الله»، البقاء خارج الحكومة، فهو يكون قد حقق مطلباً قديماً لأعدائه الخارجيين الذين لطالما كانوا يضغطون في اتجاه إقصائه عن السلطة.

ـ إنّ المجتمع الدولي الذي رعى التحول السياسي الأخير سيسعى بكل ثقله إلى إنجاح تجربة حلفائه في الحكم، وبالتالي فإنّ إنكفاء «حزب الله» وحركة «أمل» في هذا التوقيت سيوحي وكأنّهما هما اللذان كانا يعرقلان الإصلاح والنهوض، وانّ وجودهما خارج الحكومة هو الذي سمح بتحقيق إنجازات، وهذا سيسّهل على خصوم «الثنائي» تحميله مسؤولية كل فساد المرحلة السابقة وأزماتها.

ـ إنّ ترك الحكم للآخرين سيمنحهم حرّية القرار والتصرف في مختلف الملفات والمجالات الحيوية، بينما لن يكون «الثنائي» قادراً سوى على الاعتراض والشكوى.

ـ إنّ التجارب أظهرت انّ القوى والشخصيات التي تركت السلطة التنفيذية وذهبت إلى خيار المعارضة لم تحقق فارقاً نوعياً، لأنّ القدرة على التأثير من الداخل تبقى أكبر مما يمكن أن تكون عليه من بعيد.

الأكثر قراءة