للمصارف: المودعون مش ناسيين
فادي عبود
Friday, 08-Nov-2024 06:43

حان الوقت للتصرّف بعقلانية ووعي، وتفعيل الحوار الديبلوماسي لوقف الحرب على لبنان التي تسبّبت حتى الآن بمآسٍ وخسائر باهظة.

على رغم من ضرورة إنهاء الحرب حالاً، إلّا أنّه لم يَعُد مقبولاً تجاهل الواقع الاقتصادي المتعثر في لبنان، فالاقتصاد ليس ترفاً ننساه في وقت الأزمات ونتذكّره حينما نريد، بل هو عمل يومي يتطلّب قرارات جريئة وتطوّراً دائماً.

 

وكأنّ هذه الحكومة تتلطّى وراء الحرب الدائرة لتدفن الفظائع التي تمّ ارتكابها بحق اللبنانيّين، على أمل أن ينسى اللبنانيّون اختلاس العصر الذي حصل والذي حتى الآن لم تتمّ محاسبة أحد عليه.

 

فالمصارف لا تزال مستمرة في ممارسة ألاعيبها من دون الإجابة عن أسئلتنا المتكرّرة حول حساباتها ووضعها الحالي، ولا يعرف أحد ماذا حصل في التحقيق مع مهندس الأزمة رياض سلامة، علماً أنّ هذا التحقيق يجب أن يكون علنياً ليعرف الجميع ماذا حصل وتفاصيل سرقة القرن.

 

في مقال الأسبوع الماضي في Wall Street Journal قال ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى، عن سلامة «إنّه يعرف أين دُفِنت كل الجثث»، وإنّ «القوى النافذة والنخب السياسية تفضّل ببساطة تجميد وضع هذا الشخص، عزله، وإزالة أي احتمال قد يدفعه للإدلاء بشهادته ضدّ الدولة ويورّط العديد من أفراد النخبة اللبنانية».

 

كما تمّ تشبيه الأزمة المصرفية اللبنانية بأنّها من بين الأسوأ في السنوات الـ150 الماضية، مشبّهاً إياها بأزمة إسبانيا خلال حربها الأهلية في ثلاثينيات القرن الماضي.

أمّا الحكومة والنواب فما زالوا يدفنون الرؤوس في الرمال، رافضين أي إجراء حازم لإظهار الحقيقة وإرجاع ما تبقّى من الودائع لأصحابها.

 

وهم لا يعرفون أنّ هذا الظلم لن يُنسى، وأنّ ما يقومون به اليوم يُراكم مسؤوليتهم المباشرة عن خراب البلد، فلا همّ لهم اليوم إلّا استجداء المساعدات لمواجهة الأزمة ولإعمار ما تهدّم بعد انتهاء الحرب.

 

لم يَعُد مقبولاً التغاضي عن أزمة القطاع المصرفي في لبنان وعدم الوصول إلى حلول فاعلة، وأول الحلول هو إجراء تدقيق لكل مصرف على حدة والإجابة عن أسئلتنا التي طرحناها مراراً، لتحديد مسؤولية كل مصرف، ومسؤولية المصرف المركزي والدولة ورسم الحلول على هذا الأساس.

 

كما لا يمكن الاستمرار من دون شفافية مطلقة، وإلّا ستتكرّر قصة إبريق الزيت في كل مرّة، ستأتي مساعدات من الدول وتختفي ولن يعرف أحد كيف تمّ صرفها وعلى ماذا، وهكذا دواليك.

يقول ونستون تشرشل: «التاريخ يُعيد نفسه لأنّ الحمقى لم يفهموه جيداً».

الأكثر قراءة