العالم ينفتح على طالبان في ظل انتهاكاتهم لحقوق المرأة
كريستينا غولدباوم- نيويورك تايمز
Friday, 25-Oct-2024 01:03

حقق مسؤولو طالبان سلسلة من الانتصارات الديبلوماسية هذا العام، ما أدّى إلى تحول تدريجي نحو تطبيع حكومتهم.

على مدى السنوات الثلاث الماضية منذ عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان، بدا أنّ إلغاءهم لحقوق المرأة كان يضعهم على مسار نحو عزلة شبه تامة في العالم.
أدانت دول غربية وإسلامية على حَدّ سواء أكثر قيود الجماعة تطرّفاً، خصوصاً في مجال تعليم الفتيات. وتمّ تجاهل الرسائل التي أرسلها مسؤولو طالبان بأنّ حكومتهم حريصة على التعامل مع العالم. حتى يومنا هذا، لم تعترف أي دولة رسمياً بطالبان كسلطات قانونية في أفغانستان.
لكن في الأشهر الأخيرة، بدأت الرياح السياسية تتغيّر لصالح طالبان. رحّبت عشرات الدول بالديبلوماسيِّين التابعين لطالبان. كما أرسلت بعض الدول مسؤولين رفيعي المستوى إلى كابول لبناء علاقات ديبلوماسية وتأمين صفقات تجارية واستثمارية. وقد حصل مسؤولو طالبان على إعفاءات موقتة من حظر السفر. بل وحتى تمّ الحديث عن إمكانية إزالة الجماعة من قوائم الإرهاب الدولية.
تعكس هذه النشاطات الديبلوماسية تحوّلاً تدريجياً، لكنّه هام نحو تطبيع طالبان كقادة سياسيِّين، والابتعاد عن معاملتهم كمتمرّدين. كما تعكس توافقاً متزايداً بين قادة العالم على أنّ حكومة طالبان ستظل قائمة.

من هي الدول التي تبني علاقات مع طالبان؟
في كانون الثاني، أصبحت الصين أول دولة ترحّب رسمياً بديبلوماسي من طالبان كسفير أفغانستان - وهو لقب يُمنح عادةً للمبعوثين من الدول التي تحظى باعتراف رسمي على الساحة العالمية. وتبعتها الإمارات العربية المتحدة في آب.
رأى العديد من الخبراء أنّ هذه الخطوات تمهّد الطريق للاعتراف الرسمي بحكومة طالبان في نهاية المطاف من قِبل هاتَين الدولتَين.
في آب أيضاً، أرسلت أوزبكستان رئيس وزرائها إلى كابول، في أول زيارة خارجية رفيعة المستوى إلى أفغانستان منذ سيطرة طالبان على السلطة. كما أعلنت وزارة الخارجية الروسية في الربيع أنّها تدرس إزالة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية المعترف بها، ممّا سيجعلها أول دولة تقوم بذلك.
أيضاً، حقّق مسؤولو طالبان انتصارات في ساحة سياسية أخرى متنازع عليها: وهي البعثات الديبلوماسية الأفغانية حول العالم. بعد انهيار الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة في عام 2021، استمرّ ديبلوماسيّوها في إدارة السفارات والقنصليات - وغالباً ما كانوا يضغطون على الدول المضيفة لاتباع سياسات تعارضها طالبان.
لكن خلال الشهر الماضي، أعلنت وزارة الخارجية التابعة لطالبان أنّ حوالى 40 سفارة وقنصلية أفغانية باتت الآن تتبع حكومتها. وتشير السيطرة على هذه البعثات الديبلوماسية إلى نفوذ حكومة طالبان في أفغانستان، كما يمنح الجماعة صوتاً في دول لا يمكن لكبار قادتها زيارتها بسبب حظر السفر الدولي.

ماذا عن الغرب؟
كانت الدول الغربية في طليعة المنتقدين لطريقة معاملة طالبان للنساء، على أمل الضغط على الجماعة لتغيير بعض سياساتها الأكثر إثارة للجدل.
وتمسّك المسؤولون الأميركيّون بمواقفهم الصارمة بشأن حقوق المرأة، مؤكّدين أنّ الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات أو تزيل مسؤولي طالبان من قوائمها السوداء حتى يتمّ تخفيف هذه القيود.
لكنّ الولايات المتحدة أصبحت حالة شاذة. ومع إيضاح مسؤولي طالبان أنّهم لن ينصاعوا للضغوط الخارجية، يبدو أنّ المزيد من القادة الأوروبيِّين والمنظّمات الدولية قد قبلوا حدود تأثيرهم، وبدأوا بالتفاعل مع طالبان في القضايا التي يمكن إيجاد أرضية مشتركة فيها.
في حزيران، تمكن مسؤولو الأمم المتحدة من تأمين حضور طالبان لمؤتمر حول أفغانستان عن طريق تأجيل الحديث عن حقوق المرأة. وكانت طالبان قد رفضت سابقاً حضور مؤتمرَين مشابهَين للأمم المتحدة.
في الأشهر الأخيرة، واجهت السفارات والقنصليات الأفغانية في جميع أنحاء أوروبا ضغوطاً متزايدة من دولها المضيفة للردّ على حكومة طالبان، وفقاً لثلاثة مسؤولين على دراية بالمداولات.
اختارت السفارات الأفغانية في بريطانيا والنروج الإغلاق الشهر الماضي. وأوضح السفير في بريطانيا، الذي عُيِّن من قبل الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة، في بيان، أنّ السفارة كانت تغلق «بناءً على طلب رسمي من الدولة المضيفة».
يتمثل الدافع وراء تعامل القادة الأوروبيِّين مع طالبان في خوفَين: إنّ موجات من المهاجرين الأفغان ستتدفّق إلى أوروبا إذا سادت الاضطرابات في أفغانستان، وإنّ الإرهاب قد ينطلق من أفغانستان ويصل إلى أوروبا.

ماذا يعني ذلك لأفغانستان؟
أدّى هذا القبول الديبلوماسي المتزايد إلى خلق فرص للتجارة والاستثمار - وهي دُفعات مالية كانت أفغانستان بحاجة ماسّة إليها منذ انهيار الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة.
خلال العام الماضي، أصدرت طالبان عشرات العقود لاستغلال الثروة المعدنية للبلاد. كما حصلت الشركات الخاصة من المنطقة على صفقات لبناء بنى تحتية في جميع أنحاء أفغانستان - وهي حلقة وصل بين طرق التجارة في آسيا الوسطى والجنوبية - ما قد يساعد في إحياء الاقتصاد وكسب النقاط لصالح طالبان بين الشعب.
كما خفّف هذا الاحتضان الديبلوماسي الجديد من الضغوط التي كانت مفروضة على طالبان للتراجع عن قيودها على النساء - وهو انتصار لطالبان، لكنّه ضربة كبيرة للعديد من النساء الأفغانيات.

الأكثر قراءة