سعد الحريري... رجل الـ1701!
صفاء درويش
Wednesday, 23-Oct-2024 06:18

بعد عدوان «عناقيد الغضب» عام 1996 كان رفيق الحريري هو رجل المرحلة. جال العالم وعاد إلى بيروت فتوقّف العدوان وشرعت الدولة اللبنانية معه بتضميد جروح معادلة رسمها هو، هي «الشعب والدولة والمقاومة».

بعد التحرير عام 2000 فعل الرجل الأمر نفسه، وعلى رغم من الكباش مع رموز النظام الأمني اللبناني ـ السوري في حينها.
غاب رفيق الحريري عام 2005 فغاب مفهوم الدولة عن النزاع مع العدو، ليُرقّع «حزب الله» المشهد في ما بعد بمعادلة فرضها أثناء معارك تحرير السلسلة الشرقية من الإرهاب وهي «جيش وشعب ومقاومة».
اليوم، أي معادلة ستحكم لبنان؟
بالطبع، لا يؤشّر المشهد إلى انتصار مطلق لأحد، ولا إلى هزيمة مطلقةٍ لأحد، بل على العكس، إعادة «حزب الله» التوازن إلى المعركة عبر الصمود البري والرميات الصاروخية يؤشّر في وضوح إلى أنّ الغلبة في نهاية الحرب لن تكون سوى لصوت الدببلوماسية التي لا تقوم ولا تجد لنفسها موطئ قدم سوى في معادلات «لا غالب ولا مغلوب».
وبناءً عليه، مرحلة ما بعد الحرب لن تكون مرحلة الركون إلى ثمار النصر، ولن تكون أيضاً مرحلة لملمة خيبة الهزيمة، بل هي مرحلة عملٍ وإعادة إعمار وإعادة توصيل ما قطعته الحرب والمرحلة التي سبقتها، في السياسة والاقتصاد وعلاقات لبنان بمحيطه والعالم.
كثرٌ من حلفاء «حزب الله» يتحدّثون اليوم عن أنّ المعركة ستخلص إلى نتيجة سياسية واحدة بعيداً من أي نتيجة عسكرية، وهي لبننة ورقة «الحزب»، ودمجه أكثر مع مجتمع حالفه نصفه ورفضه نصفه الآخر.
لبننة «الحزب» هذه تقتضي الركون إلى الدولة ومؤسساتها. والركون إلى الدولة لا يكون في حالة سياسية مشرذمة، وسلطات متنافرة، وقوى سياسية متباعدة، مجلس نيابي مشلول. يرى كثر في 8 آذار، ويلتقي معهم كثر خارجها، أنّ هناك حلقة وصل مفقودة، وحلقة الوصل هذه تتمثّل بمَن يستطيع أن يجمع لا أن يفرّق، وأن يُعيد ما دمّرته المحاور في علاقات لبنان العربية والدولية. فترميم العلاقات هو مفتاح الحلول الاقتصادية والسياسية، وهذا الترميم لا يحصل سوى بوضع شخصية جامعة قبضتها على الحل.
كثرٌ في فريق الثامن من آذار يعتبرون أنّ سحب الرئيس سعد الحريري نفسه، ومن خلفه المملكة العربية السعودية، من وحول السياسة اللبنانية، أتى في الوقت المناسب، إذ إن النزاع العربي ـ الإيراني لم يكن ليُبقي دور سعد الحريري كما كان دور والده، وأنّ الانسحاب كان القرار الأحكم لحفظ الدور، خصوصاً أنّ الإقليم كان يرى أنّ الجمر الكامن تحت رماد معارك اليمن والعراق وسوريا سينفجر لبنانياً.
اليوم، لن يكون هناك رئيس للجمهورية في المدى المنظور. كثرٌ يريدونه وفق ما يتطلّعون إليه من حاجة، لكن مَن سيفرضه، ومَن سيرّجح كفّته ضمن انقسام قارب من لبس عباءة العمودي الطائفي الإسلامي ـ المسيحي.
كلمة السرّ التي يراها هؤلاء اليوم، هو سعد رفيق الحريري. اسم ثلاثي يحمل معه اعتدالاً وعلاقات يحتاجها لبنان.
في الحديث عن الحلول، يتبنّى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وحكومته، بغطاء سياسي كبير من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، القرار 1701. لكن هذا القرار الذي قد يوقف إطلاق النار، كفيل بوقف نزيف لبنان؟
وقف النزيف في حاجة الى يدٍ تجمع، والثامن من آذار الذي عاداه وخاصمه لسنوات، يرى اليوم أنّ الحاجة إليه كبيرة، فكيف بمَن حالفه لبنانياً، ومَن أمّن لحضوره إقليمياً.
كان رفيق الحريري رجل الدولة عام 1992، وأثبتها طوال محطات مفصلية. فهل يكون اليوم سعد رفيق الحريري، رجل الـ1701 وما بعده؟.

الأكثر قراءة