الصين تشتري تقريباً كل صادرات النفط الإيراني لكنّها تملك بدائل إذا هاجمت إسرائيل
كيث برادشر- نيويورك تايمز
Saturday, 05-Oct-2024 06:19

يوم الخميس، كشف الرئيس جو بايدن أنّ الولايات المتحدة «تناقش» احتمال أن تضرب إسرائيل قطاع النفط الواسع في إيران. وقد أدّت تعليقاته بالفعل إلى ارتفاع حادّ في أسعار النفط في الأسواق العالمية، على الرغم من أنّ معظم الدول تتجنّب النفط الإيراني بسبب العقوبات الدولية المفروضة على طهران.
الصين هي الاستثناء. فهي تشتري أكثر من 90 في المائة من صادرات النفط الإيراني. وتعتمد الصين على الواردات من جميع أنحاء العالم لتلبية ما يقرب من ثلاثة أرباع استهلاكها من النفط. وإذا فقدت إمدادات النفط الإيرانية، فستضطرّ إلى الاعتماد بشكل أكبر على الأسواق العالمية لتلبية احتياجاتها من الطاقة.
بالنسبة إلى إيران، تُعتبر الصادرات إلى الصين مصدراً حيوياً للأموال. إذ يُمثّل مبيعات النفط إلى الصين، التي تُقدَّر بحوالى مليارَي دولار شهرياً، ما لا يَقلّ عن 5 في المائة من إجمالي الناتج الاقتصادي لإيران. وهذه الأموال تموّل الحكومة الإيرانية وتوفّر السيولة اللازمة لدفع تكاليف وارداتها.
تُصدِّر إيران ما يقرب من نصف إنتاجها من النفط وتستخدم الباقي لاحتياجاتها المحلية. وما لا تشتريه الصين من صادرات إيران النفطية يتمّ شحنه أساساً كمساعدات اقتصادية أو عبر المقايضة إلى حلفاء يعانون من الإفلاس تقريباً مثل سوريا وفنزويلا، اللتَين لا تملكان الأموال الكافية لدفع ثمن الوقود.

لماذا تشتري الصين الكثير من النفط من إيران؟
يُعَدّ النفط الإيراني رخيصاً، ويُباع بخصومات كبيرة مقارنة بأسعار النفط العالمية لأنّ العقوبات تركت إيران مع عدد قليل جداً من المشترين، فيُباع بسعر أقل حتى من النفط الروسي.
وبينما تستمرّ الصين والهند وبعض الدول النامية في شراء النفط الروسي على الرغم من غزو روسيا لأوكرانيا، فإنّ الصين هي تقريباً الوحيدة التي تشتري النفط الإيراني. إذ تحتاج إلى شراء كميات كبيرة من الطاقة للحفاظ على اقتصادها. فهي أكبر مستورد للنفط في العالم وثاني أكبر مستهلك للنفط بعد الولايات المتحدة.
مع ذلك، بذلت الصين الكثير لتقليل اعتمادها الكلي على النفط. ففي حين يُشكّل النفط 40 في المائة من الطاقة المستخدمة في الولايات المتحدة، فإنّه يُمثّل حوالى 20 في المائة فقط من إمدادات الطاقة الإجمالية في الصين، وفقاً لغابرييل كولينز، الباحث في مجال الطاقة الصينية في معهد بيكر للسياسات العامة في جامعة رايس في هيوستن.
أكثر من نصف السيارات المباعة في الصين الآن هي سيارات كهربائية تعمل بالبطاريات أو هجينة تعمل بالبنزين والكهرباء. وتولّد الصين الطاقة اللازمة لتشغيل هذه السيارات بشكل رئيسي من خلال حرق الفحم - وتُعَدّ الصين المنتج والمستهلك الأول للفحم في العالم - وأيضاً من خلال الألواح الشمسية والتوربينات الهوائية. ويُستخدَم جزء كبير من واردات النفط الصينية في صناعة الكيميائيات التي تُعَدّ الأكبر في العالم، أو لتكرير الديزل الذي يُشغّل الشاحنات.

ما مدى اعتماد الصين على النفط الإيراني؟
يُقدّر أنّ حوالى 15 في المائة من واردات النفط الصينية تأتي من إيران، وفقاً لأندون بافلوف، المحلّل الكبير في منتجات النفط في شركة كيبلر، وهي شركة في فيينا متخصِّصة في تتبع شحنات النفط الإيراني. وتُعَدّ روسيا أكبر مُوَرِّد للنفط إلى الصين، التي تشتري أيضاً كميات كبيرة من العراق، الكويت، السعودية، الإمارات وأنغولا.
تنتج دول منظّمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ما يصل إلى 5 ملايين برميل يومياً من النفط، أقل من قدرتها الكاملة. وتقلّل هذه المجموعة التي تقودها السعودية، من الإنتاج للحفاظ على الأسعار مرتفعة نسبياً. وإذا لم تتمكّن الصين من شراء الكمية المعتادة من إيران - حوالى مليون إلى 1,5 مليون برميل يومياً - فقد تجد أنّ جيران إيران سعداء بتزويدها بالنفط بدلاً من ذلك.
نتيجة لذلك، سيكون الضرر على الاقتصاد الصيني من انقطاع طويل الأمد في إمدادات النفط من إيران طفيفاً، شريطة أن ترفع الدول الأخرى من صادراتها، وفقاً لخبراء النفط.
وأوضح روجر فوكيه، المتخصِّص في مجال الطاقة في الجامعة الوطنية بسنغافورة، أنّ «أي انقطاعات في صادرات النفط الإيراني ستعوّض على الأرجح بسرعة بزيادة في مصادر إمدادات الصين الأخرى».

هل لدى الصين احتياطيات في حالة انقطاع الواردات؟
وسّعت الصين احتياطياتها النفطية خلال السنوات القليلة الماضية. ومع تباطؤ بناء المنازل مع انهيار سوق الإسكان في البلاد، أعيد توظيف العديد من عُمّال البناء في بناء خزانات تخزين النفط.
لطالما تخيّل المحلّلون أنّ الصين تزيد احتياطياتها بسرعة تحسّباً لصراع محتمل مع تايوان، ممّا قد يؤدّي إلى انقطاع جميع الواردات البحرية إلى البر الرئيسي الصيني. لكنّ احتياطيات الصين، التي تُقدّر الآن بما يزيد عن 3 أشهر من إجمالي وارداتها النفطية وسنتَين من واردات الصين من إيران، ستوفّر وسادة أمان في حالة انقطاع الإمدادات من إيران.
وشرح أليكس تورنبول، محلّل السلع في سنغافورة: «إذا كان الأمر يتعلّق بجنون لمدة 30 يوماً، فإن الصين ستتجاوز ذلك وكأنّه مجرّد مطبّ في الطريق».

ما مدى ضعف الصين إذا اندلعت حرب أوسع في الشرق الأوسط؟
السؤال الكبير بالنسبة إلى الصين ليس ما إذا كانت إسرائيل قد تضرب البنية التحتية النفطية في إيران، بل كيف سيكون ردّ فعل إيران، وفقاً للخبراء.
يمرّ ما لا يقلّ عن 20% من النفط في العالم، وحصة أكبر من واردات الصين النفطية، على متن السفن عبر سواحل إيران في مضيق هرمز، الذي يربط الخليج العربي ببحر العرب. وتقع معظم طاقة «أوبك» الفائضة، البالغة 5 ملايين برميل يومياً، في حقول نفط تحتاج إلى التصدير عبر مضيق هرمز.
إذا عجزت إيران عن تصدير النفط، فقد يستفيد منافسوها في المنطقة من خلال زيادة صادراتهم إلى الصين. لكنّ إيران قد توقفهم باستخدام الصواريخ لوقف حركة ناقلات النفط عبر مضيق هرمز.
حاولت السعودية تجاوز مضيق هرمز جزئياً ببناء أنابيب إلى البحر الأحمر بدلاً من ذلك. لكن هذا الممر المائي أصبح أيضاً خطيراً الآن بسبب الهجمات من اليمن من قِبل الحوثيِّين المدعومين من إيران.
فيؤكّد كولينز أنّ «الأمر لا يتعلق كثيراً بتأثير الضربة، بل بتأثير ردّ إيران». وأضاف مايكل براون، المتخصّص في السلع الأساسية في مكتب بيبرستون بلندن، وهو مكتب للوساطة الأسترالية: «هذه هي المخاوف الكبيرة من منظور عالمي».

الأكثر قراءة