هل هناك اتجاه نحو تعيين مدربين أصغر سناً في الدوري الإنكليزي الممتاز؟
نيك ميلر- نيويورك تايمز
Wednesday, 25-Sep-2024 06:15

الحياة تذكّرنا جميعاً أنّنا نتقدّم في السن بطرق عديدة. جسدك الذي يؤلمك من دون سبب واضح. الإدراك المتزايد بأنّك لم تعد تعرف ما هي الموسيقى الرائجة. وظهور آثار السهر بعد تناول بضع عبوات بيرة هادئة بدلاً من ليلة صاخبة. وقياس الوقت منذ زيارتك الأخيرة لنادٍ ليلي بالعقود بدلاً من السنوات. بالنسبة إلينا كعشاق كرة القدم، هناك مؤشر آخر: المدربون يصبحون أصغر سناً.

في الدوري الإنكليزي الممتاز، هم بالفعل يُصبحون أصغر بكثير. متوسّط أعمار المدربين العشرين في الدوري الممتاز، حتّى وقت كتابة هذا المقال، هو 47 سنة و116 يوماً، وهو الأدنى منذ 20 عاماً، والسابع منذ بداية الـ»برميرليغ» في عام 1992.


يرجع ذلك جزئياً إلى تعيين مدرب برايتون الجديد فابيان هورزيلر، الذي يبلغ من العمر 31 عاماً فقط، وهو أصغر من الدوري الممتاز نفسه. ولا يُعتبَر هورزيلر أصغر مدرب يتولّى مسؤولية تدريب فريق في الدوري الممتاز - لا يزال هذا اللقب من نصيب ريان ماسون، الذي كان يبلغ من العمر 29 عاماً عندما تولّى تدريب توتنهام بشكل موقّت في عام 2021 - لكنّ الألماني هو أصغر مدرب دائم في تاريخ الدوري الممتاز.


هورزيلر هو واحد من 3 مدربين في الثلاثينات من عمرهم، والآخران هما كيران مكينا (38 عاماً) من إيبسويتش تاون، وراسل مارتن (38 عاماً) من ساوثهامبتون. هناك أيضاً 11 مدرباً تقلّ أعمارهم عن 50 عاماً من بين المدربين الـ20.


ربما الأهم من ذلك، لا يوجد أي مدرب مُسِنّ. فأنجي بوستيكوغلو، مدرب توتنهام البالغ من العمر 59 عاماً، هو أكبر مدرب حالياً في الدوري الممتاز. وهذه هي المرّة الأولى منذ موسم 1998-1999 التي لا يوجد فيها أي مدرب تجاوز الـ60 عاماً، عندما تولّى رون أتكينسون تدريب نوتنغهام فورست لفترة قصيرة قبل أن يستقيل بعد تأكيد هبوط الفريق.


كان روي هودجسون، الذي كان يبلغ من العمر 76 عاماً مع كريستال بالاس، أكبر مدرب في تاريخ الدوري الممتاز، إذ استمرّ في التدريب لمدة 7 سنوات متتالية. كما كان لدينا ديفيد مويز، الذي كان يبلغ من العمر 61 عاماً عندما غادر وست هام في نهاية الموسم الماضي.


يمكن اعتبار الانخفاض في متوسّط العمر مجرّد ظاهرة إحصائية عابرة، وهو بالفعل يتأثّر بشكل كبير بفقدان أقدم مدرب في تاريخ المسابقة واستقدام أصغرهم. لكنّه يمثّل اتجاهاً: متوسّط العمر قد بدأ في الانخفاض على مدار العقد الماضي، إذ بلغ ذروته في موسم 2015-2016 عندما كان متوسّط العمر حوالى 53 عاماً.


الخط البياني لم يكن دائماً سلساً، لكنّ المدربين أصبحوا أصغر سناً بشكل تدريجي منذ ذلك الحين. ويبدو كأنّه اتجاه، ومن المحتمل جداً أنّه متعمّد.
الجدير بالملاحظة أنّ كل نادٍ في الدوري الممتاز غيّر مدربه هذا الصيف قد جلب مدرباً أصغر سناً أو بنفس عمر المدرب السابق.


جولين لوبيتيغي أصغر بـ3 سنوات فقط من مويز، لكنّ ليفربول عيّن المدرب الهولندي أرني سلوت، الذي كان يبلغ من العمر 45 عاماً (والآن 46)، ليحلّ محلّ يورغن كلوب البالغ من العمر 57 عاماً. كما أنّ هورزيلر أصغر بـ 14 عاماً من روبرتو دي زيربي، والمدرب ماوريسيو بوتشيتينو، البالغ من العمر 52 عاماً، استُبدِل في تشلسي بأنزو ماريسكا، البالغ من العمر 44 عاماً، والذي خلفه بدوره ستيف كوبر، البالغ من العمر 44 عاماً أيضاً (لكنّه أكبر بشهرَين).


هذا الاتجاه ليس مقتصراً على الدوري الإنكليزي الممتاز فقط. في ألمانيا، عيّن بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند، أكبر ناديَين في البلاد، فينسنت كومباني (38 عاماً) ونوري شاهين (35 عاماً، والآن 36). وفي إسبانيا، على الرغم من وجود مدربين متمرّسين مثل كارلو أنشيلوتي (65 عاماً) في ريال مدريد ومانويل بيليغريني، الذي بلغ 71 عاماً هذا الشهر، في ريال بيتيس، إلّا أنّ هناك أيضاً مدربين شباب مثل إينيغو بيريز في رايو فاييكانو، وكلوديو جيرالديز (كلاهما 36 عاماً) في سيلتا فيغو، وبورخا خيمينيز البالغ من العمر 39 عاماً في ليغانيس.
في إيطاليا، يخالف الدوري الإيطالي هذا الاتجاه قليلاً، لكن لا يزال هناك مدربون مثل سيسك فابريغاس البالغ من العمر 37 عاماً في كومو.


نادٍ آخر يتبنّى تعيين مدربين أصغر سناً، هو يونيون سانت جيلواز البلجيكي. مدربهم الحالي هو المدافع السابق لوست بروميتش ألبيون، سيباستيان بوكوجنولي، البالغ من العمر 37 عاماً (36 عاماً عند تعيينه)، و3 من مدربيهم السابقين كانوا في الأربعينيات من عمرهم أو أقل عند تعيينهم.


يقول أليكس موزيو، رئيس النادي ومالك الأغلبية، عندما سُئل عن سياسته المتعلقة بتعيين المدربين: «لدينا سقف غير رسمي يبلغ 55 عاماً». هذا ليس محدّداً، ويمكنهم النظر في تعيين مدربين أكبر سناً، لكنّه إطار عمل مرن يبدأون منه.


العامل الرئيسي وراء هذا التحوّل نحو تعيين مدربين أصغر سناً هو أنّ العديد منهم لم يعودوا «مديرين» بالمعنى التقليدي للكلمة. الأيام التي كان فيها شخص واحد يقوم بكل شيء في النادي قد ولّت منذ زمن طويل. المدربون في الوقت الحاضر مسؤولون عن الفريق الأول فقط، والعديد من المهام الأخرى التي كانت جزءاً من الوظيفة في الماضي، بات يقوم بها أشخاص آخرون.
هذا التقليل من المسؤوليات، بالإضافة إلى وجود حماية ودعم أكبر لهم، يعني أنّ المخاطر المتعلّقة بتعيين مدرب أصغر سناً وأقل خبرة قد تمّ تقليلها.


هذه هي النظرية على الأقل. يشرح موزيو: «يجب أن يكون النادي المناسب، ويجب أن يعمل بالطريقة المناسبة، وأن يتوفّر الدعم المناسب. لكن إذا لم يكن هناك هذا الدعم، فإنّك ستواجه مشكلة كبيرة. (ميكيل أرتيتا البالغ من العمر 42 عاماً) في أرسنال، على سبيل المثال، يتمتع بحماية ودعم جيدين للغاية».
يمكن أن يكون المدربون الأصغر سناً أكثر جاذبية للنادي، لأنّهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر انفتاحاً على التوجيهات الخارجية وأكثر توافقاً مع الأهداف العامة للنادي، بدلاً من المدربين التقليديِّين الذين يميلون إلى السيطرة على كل شيء بأنفسهم.


يقول موزيو: «الشخص الأكبر سناً يأتي عادةً من حقبة تقول ‹اترك الأمر لي، سأدبره بنفسي. هذا ليس الحال كثيراً مع المدربين الأصغر سناً. الشخص الأصغر يكون عموماً أكثر استعداداً للاستماع إلى النصائح الخارجية من جميع الأنواع. بالنسبة لنا، يتعلق الأمر بالكثير من الانفتاح العقلي»، موضحاً أنّه ليس بالضرورة تعيين مدربين أصغر سناً لمجرّد السن، بل يتعلّق الأمر بأن يكونوا منفتحين على الخيارات الأخرى.


كما أنّ هناك حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أنّ الناس يُحبّون أن يبدوا أذكياء، وأحد طرق ذلك بالنسبة إلى المالكين والرؤساء التنفيذيِّين ومديري الرياضة هو تعيين شخص لم يُفكّر فيه أحد آخر.
هناك تفسيرات أكثر بساطة، مثل التعيينات التي جاءت نتيجة للظروف بدلاً من التخطيط المتقدّم.


خذ على سبيل المثال كيران مكينا في إيبسويتش: انضمّ إليهم عندما كانوا في منتصف موسمهم الثالث في دوري الدرجة الثالثة، بعد ما يقرب من عقدَين في الدوري الإنكليزي. كان النادي في حالة سيئة، وفي تلك المرحلة لم يكن بإمكانهم جذب أي مدرب آخر سوى مدرب شاب يتطلّع إلى فرصة أن يكون المدرب الأول. ونجح الأمر بشكل جيد بالنسبة إليهم، مع ترقيات متتالية، لكن العديد من الأمثلة المماثلة لم تنجح.


من المفيد أيضاً أن نتذكّر أنّ الرقم على شهادة ميلاد المدرب ليس الطريقة الوحيدة لتقييم «عمره»، على الأقل في كرة القدم.
وأثار هورزيلر نقطة مثيرة للاهتمام في مؤتمره الصحافي التقديمي في برايتون. قال: «أنا رجل شاب، لكنّني لستُ مدرباً شاباً. وانتهت مسيرته كلاعب في سن 23، على الرغم من أنّ أيامه الأولى كانت في مستوى منخفض في ألمانيا، لكنّه كان مدرباً لمدة 8 سنوات. وهذا أكثر من مارتن، ماريسكا، أندوني إيراولا مدرب بورنموث، وغاري أونيل مدرب وولفرهامبتون، وهو عدد السنوات عينه التي قضاها أرتيتا في التدريب. فمن الأكثر فائدة تقييم خبرة المدرب بناءً على عدد سنوات التدريب بدلاً من عدد سنوات الحياة.

الأكثر قراءة