على وقع قصف لبنان... طهران تريد التفاوض النووي
شربل البيسري
Tuesday, 24-Sep-2024 06:51

لا تزال إيران تثير جدلاً حول دورها المركزي في المعادلة الإقليمية، وخصوصاً تحكّمها بمصير مفاصل الحياة السياسية في لبنان، ممّا يثير انقساماً حاداً حول نياتها الحقيقية وتأثيرها على الأوضاع فيه. وآخر فصول الإنقسام، إعلان وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي استعداد طهران لاستئناف المفاوضات النووية، تزامناً مع أكثر من 300 غارة إسرائيلية على لبنان أودت بحياة أكثر من 492 شهيد وإصابة أكثر من 1645 مواطن بجروح مختلفة.

وأثار هذا التصريح الإيراني حفيظة مسؤولين وسياسيِّين وناشطين لبنانيِّين معارضين لإيران، متسائلين، هل أنّها تسعى إلى مساعدة لبنان أم أنّها تستخدم «حزب الله» أداة لتحقيق أهدافها الجيوسياسية؟ وهل تستفيد إيران من تصاعد التوترات في الجنوب اللبناني لتعزيز موقعها التفاوضي في الملف النووي؟

 

الحسابات الإيرانية

يحمل إعلان عرقجي عن استئناف المفاوضات النووية أبعاداً عميقة على المستويَين الإقليمي والدولي، توقّف عندها مصدرٌ رسميّ في سفارة أوروبية في لبنان في حديثه لـ»الجمهورية»، لكنّه رفض الكشف عن اسمه لأنّه غير مخوّل الحديث بَعد عن الموضوع لوسائل الإعلام، بقوله إنّ «إيران تستخدم «حزب الله» أداة للضغط على إسرائيل وحلفائها الغربيِّين. لذلك، يشكّل التصعيد في جنوب لبنان مزيداً من الخطر على الأمن الإقليمي، واضعاً الدول الغربية، خصوصاً دول «الناتو»، تحت ضغط للتوصّل إلى حلول سلمية، تزامناً مع أنّ إيران في وضع حرج بالنسبة إلى وكلائها الإقليميِّين».

 

ويضيف المصدر «إنّ «حزب الله» تلقّى ضربة قوية غير مسبوقة أخرجت عدداً من عناصره من الساحة لبعض الوقت، لكنّه سرعان ما استجمع معظم آليات تنسيقه، ونفّذ هجمات تصعيدية على الداخل الإسرائيلي. ممّا شكّل إنذاراً لإسرائيل بالتصعيد، ورسالةً للغرب للتفاوض مع إيران من أجل التهدئة. لأنّ التفاوض الإسرائيلي- اللبناني عبر الوسيط الأميركي معطوبٌ حالياً، وفي حاجة إلى علاج وترسيم بعض الخطوط على يَد الأطراف العليا».

 

ويرى محلّلون سياسيّون أنّ التصعيد العسكري في لبنان ليس مجرّد نزاع إقليمي، بل هو جزء من نزاع أوسع بين إيران والغرب، لذلك تسعى طهران حالياً إلى تذكير العالم بأنّها قادرة على التأثير في مجريات الأمور من خلال حلفائها الإقليميِّين، مثل «حزب الله».

 

وعلى الرغم من أنّها رفضت، عبر إعلان وزير خارجيّتها، التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة، إلّا أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية أبقت قنوات الاتصال مفتوحة مع الدول الأوروبية. ويلمّح المصدر الديبلوماسي نفسه إلى «أنّ بعض هذه الدول ومنها فرنسا وإيطاليا، لم تقبل حتى اللحظة وضع شركة الخطوط الجوية الإيرانية على لوائح العقوبات تبعاً لقرار أميركي، وألمانيا»، مستبعداً المملكة المتحدة.

 

ويشرح المصدر أنّ التفاوض المباشر في الوقت الحالي بين طهران وواشنطن «ربما يعقّد الأمر»، مشيراً إلى «وجود نقاط وبعض التفاصيل التي تشكّل ضرورة لوضع إطار للتفاوض مثل دور «حزب الله» والقرار 1701 ودور الحوثيِّين على مستوى التجارة في البحر الأحمر، ويتمّ ذلك عبر الوسطاء الأوروبيِّين». ويعتقد المصدر أنّ استئناف المفاوضات النووية قد يكون مندرجاً في إطار «مسعى إيران إلى تخفيف حدّة التوتر في جنوب لبنان، بفعل وجود ضمانات غربية لطهران بنيّة للوصول إلى اتفاق»، مضيفاً «إنّ إعادة فتح باب التفاوض لن يعني أبداً السماح لطهران بإعادة موقع «حزب الله» كما سبق».

 

وبكلامٍ آخر، يعتقد الأوروبيّون «أنّ «حزب الله» تلقّى ضربة ميدانية عسكرية قوية ولا ينبغي عليه إذاً تحقيق مكاسب سياسية من خلال المفاوضات وإن لم يُحرز تقدّماً على المستوى العسكري فلا يمكن أن يربح على المستوى السياسي».

 

ويستبعد المصدر «أن يكون فتح باب المفاوضات أمراً فورياً لإنهاء النزاع العسكري في جنوب لبنان، وإنّما تحديداً لإطار النزاع موقتاً منعاً لتصعيد يُسفر عن حرب موسّعة واجتياح إسرائيلي بري». وفي أحسن الحالات «هدنة موقتة».

الأكثر قراءة