مانشيت: برّي: لا فيتو لدى "الخماسية".. ولبنان ينتظر سيجورني ولودريان وهوكشتاين تباعاً
Monday, 05-Feb-2024 06:48

بين مغادرة موفد دولي ووصول آخر ما تزال البلاد تنتظر الترياق لأزماتها المستعصية الرئاسية والسياسية والامنية الحدودية، على أمل ان تُسفر زيارة وزير الخارجية الفرنسية سيباستيان سيجورني عن جديد قد يُغني ويُثمن من جوع، بعد جولته على مصر والاردن وتل ابيب ورام الله، معطوفة على زيارة الموفد الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين لتل أبيب، حيث سيبحث كما الوزير الفرنسي في تهدئة الجبهات ولا سيما الجبهة الجنوبية وتطبيق القرار 1701 الى جانب جديد الملف الرئاسي. وفي الانتظار ايضاً، يترقّب لبنان زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان لمعرفة جديد الأفكار او المقترحات حول تحريك الملف الرئاسي، فيما الداخل يكتفي بتسجيل المواقف من دون مبادرات او اقتراحات.

 

بري والخماسية

في انتظار تَبلور ما لدى الخماسية العربية ـ الدولية وما سيحمله سيجورني وهوكشتاين ولودريان سواء حول الوضع على الجبهة الجنوبية وفي شأن الاستحقاق الرئاسي، برزت امس مواقف لافتة لرئيس مجلس النواب نبيه بري أدلى بها الى تلفزيون «الجديد» اكد فيها انه سمع من كل سفراء الخماسية الذين التقاهم الاسبوع الماضي «أن لا «فيتو» لديها على أيّ اسم ومن ضمنها السعودية»، وقال: «توافقنا على أنّ انتخاب الرئيس يتطلب توافقاً، وتمنّوا تسميته بالتشاور، لا حوار، وكنت متجاوباً مع كل ما يخدم الملف الرئاسي، وقلت انه اذا اقتضى الأمر فليترأس نائب رئيس المجلس الحوار ولا مشكلة لدي».

واضاف بري: «لا جلسات (انتخابية) متتالية من دون تشاور أو حوار وإذا كان لديهم أي طريقة أخرى «يأمّنولي ياها وأنا حاضر»، فمن دون تشاور نكرّر الجلسات من غير القدرة على انتخاب الرئيس، فلا استطيع أن أمنع مقاطعة أي فريق لأيّ جلسة لأنه حق دستوري، ولا يستطيع المجلس أن يؤمّن نصاب الـ٨٦ الا بالتوافقات والتفاهمات، وانا لا أطالب بالإجماع، أنا أتكلم عن التوافق لتأمين نصاب الـ86، فلو عقدتُ 50 جلسة متتالية لن نصل الى رئيس، لذلك طرحت الحوار لمدة أقصاها ٧ ايام، «يفترضوا إنّي عَم بِبلفهُن ويجوا يحرجوني».

واضاف: «إتفقتُ مع الخماسية على أن يساعدونا على انتخاب من نسمّيه نحن كلبنانيين، لا من يسمّونه هم، (سفراء) الخماسية هذه المرة موحدون وقالوا لي «ما عنّا مرشح على الاطلاق ولا عنّا «فيتو» على اي اسم، ونحنا مستعدين نساعدكن باللي بدكن ياه».

وعشيّة ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قال بري لرئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري: «أهلا وسهلا بعودتك للعمل السياسي عندما تقرر. فقد أثبتت الانتخابات الاخيرة أنّ سعد الحريري هو الناجح الأكبر على رغم من اعتكافه، فمن النهر الكبير الى الناقورة حصدَ 24% من الطائفة السنية من غير أن يشارك في الانتخابات».

وخَصّ بري جمهور حركة «أمل» برسالة قائلاً: «حركة «أمل» هي أمام «حزب الله» في الدفاع عن كل حبة تراب من لبنان، ولكن في هذه المعركة حركة «أمل» تقاوم ضمن إمكاناتها العسكرية، فهي لا تمتلك قدرات «حزب الله»... ولا أخاف على دوري الديبلوماسي لأنّ المقاومة الديبلوماسية هي جزء أساسي في المقاومة».

التغييريّون

في سياق متصل، قال مصدر في مجموعة النواب التغييريين لـ«الجمهورية» انّ «التغييريين كانوا أوّل مَن بادر الى تقديم الاقتراحات والمبادرات في شأن الاستحقاق الرئاسي، لكن لاحظنا انّ مبادرات الاطراف الاخرى كانت تنطلق من حسابات شخصية لا وطنية، ولا تقدم حلولاً لجميع المواطنين. عدا عن تعقيدات في الوضع الاقليمي تجعل الامور تتأزم أكثر. لذلك لن تلقى المبادرات اي نتائج في ظل هذا الوضع المعقّد لانتخاب رئيس خارج الاصطفافات الحزبية والسياسية».

واشار المصدر الى انّ هناك لقاءات ستعقد مع كتل ومجموعات نيابية اخرى لمحاولة تنسيق المواقف والتوصّل الى توافقات معينة. لكن الانطباع لدى الجميع ان الانتظار ما زال سيّد الموقف بسبب استمرار الحرب في غزة والمنطقة، خصوصاً انّ المبادرات الخارجية جاءت لتملأ فراغا لبنانيا هو مِن صنع اللبنانيين أنفسهم، على أمل ان تنتج هذه المبادرات حلولاً مقبولة.

مزيد من الموفدين

الى ذلك، وفي خضم التحضير لعقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل للنظر في قضايا مالية وادارية مختلفة، تستعد البلاد لاستقبال مزيد من الموفدين الدوليين وفي مقدمهم هذا الاسبوع وزير الخارجية الفرنسية الجديد ستيفان سيجورني الذي ينتظر وصوله بين مساء اليوم وصباح غد، مُنهياً جولة في المنطقة بدأها الجمعة الماضي.

وقالت مصادر ديبلوماسية تواكب هذه الزيارة لـ«الجمهورية» انّ جدول لقاءات سيجورني سيكون للمسؤولين الكبار، على عكس زيارة نظيره البريطاني ديفيد كاميرون التي استثنَت وزير الخارجية عبدالله بوحبيب في خطوةٍ عدّت سلبية للديبلوماسية البريطانية التي يتهمها اللبنانيون برفض كل الافكار والطروحات اللبنانية الخاصة بأزمة النازحين السوريين في لبنان. لكنّ سيجورني سيحمل الرسالة الديبلوماسية والعسكرية عينها، وهو سيجدّد ما دأبت عليه الديبلوماسية الاوروبية، أي الدعوة الى أهمية تبريد الجو الامني جنوباً وتحاشي الانسياق الى حرب شاملة وعدم الانجرار وراء اي استفزازات من شأنها أن تطيح الاستقرار الموجود بالحد الادنى، على رغم من حجم الأضرار التي لحقت بعشرات القرى اللبنانية وتدمير مئات المنازل وما لحقَ بالثروة الحرجية والمحاصيل الزراعية من أضرار قُدّرت بمئات ملايين الدولارات، وحرمان الجنوبيين من الأمن الذي كان متوافراً بنسبة عالية.

لا موعد للودريان

وتأتي زيارة سيجورني إلى بيروت وسط تردّد أي مرجع سياسي او ديبلوماسي في تحديد أي موعد لعودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في جولته الخامسة إلى لبنان، في ظل فقدان المعلومات التي تؤدي الى تحديد هذا الموعد ما لم يحمل جديداً. فنتائج زيارته الأخيرة للرياض والدوحة وحصيلة مشاورات سفراء اللقاء الخماسي لم تختمر بعد، ولم تعكس أي تقدّم من شأنه ان يقود لودريان الى بيروت ما لم تكن لديه اي أسرار لم تصل بعد إلى ايّ من المراجع اللبنانية بعدما تَعدّدت التجارب السابقة التي وصفت بالاستطلاعية أكثر من مرة، ولم تُفض بعد الى أي خطوة إيجابية.

هوكشتاين في لبنان؟

وفي انتظار أن تعبر زيارة رأس الديبلوماسية الفرنسية لبيروت، ليس مضموناً أن يستقبل لبنان هوكشتاين ما لم تنته زيارته لتل أبيب، التي بدأت في الساعات الماضية، الى جديد يَنقله الى المسؤولين اللبنانيين حول سعيه الى ترتيبات على الحدود الجنوبية بُغية إظهار الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة كما أبلغ الى نواب من اعضاء الوفد النيابي الذي يزور واشنطن منذ منتصف الأسبوع الماضي، معبّراً عن اعتقاده بضرورة الافادة من اي تقدّم على مستوى التهدئة في قطاع غزة ليس على الوضع الأمني في الجنوب، بل انّ من المهم التوصّل الى ما يؤدي الى الفصل بين المسارَين الأمني المتفجّر في المنطقة والاستحقاق الرئاسي في لبنان، وهو أمر غير محسوم في ظل فقدان أيّ تفاهم يمكن التوصّل إليه للسير في الخطوات الواضحة والمُلزمة للانتهاء من مسألة تطبيق القرار 1701، وأوّلها معالجة النقاط الـ 13 التي تخترقها اسرائيل على طول الحدود الدولية والاستغناء عن الخط الازرق.

بين الجنوب وغزة؟

وعبّرت مراجع تتابع هذا الملف لـ«الجمهورية» عن مخاوف جدية من عدم قبول اسرائيل هذه المرة استمرار الوضع على ما هو عليه ما لم تنته الجهود الديبلوماسية المبذولة للفصل بين ما يجري على الجبهة الجنوبية والحرب على غزة، وهي تفصل تماماً بين الجبهتين بما يؤدي الى احتمال شن عمليات عسكرية في لبنان بمعزل عن التهدئة في غزة لئلّا يصبّ ما يجري لمصلحة «حزب الله» والمحور الايراني الذي يعتقد انه يمتلك ما يكفي من قواعد رَدع إسرائيل، إن أرادت المضي في خططها في الشمال فور التهدئة في غزة والتفرّغ لما يمكن القيام به من عمليات عسكرية وامنية تخطط لها ولا تنتظر «اليوم التالي» في غزة، والذي قد يطول انتظاره كثيرا بسبب الطروحات المتناقضة والمتباعدة التي لا تبشّر بالحل القريب.

ولا بين الجنوب والرئيس؟

وعليه، تستبعد المراجع عينها ان تنجح الديبلوماسية الغربية والاميركية والفرنسية تحديداً في إرضاء اسرائيل بالفصل بين جبهتَي غزة والجنوب في موازاة الفشل المبين في الفصل بين أزمتي الجنوب والاستحقاق الرئاسي بحيث يمكن الافادة من أي هدنة للنفاذ بالاستحقاق إذا أمكن، مع العلم انّ دون ذلك عقبات كبيرة لمجرد إصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على الدعوة الى حوار مسبق في موازاة تمسّك «الثنائي الشيعي» بترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية واستعدادات المعارضة لإحياء التقاطع على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور، وهو ما يعني أنّ شيئاً لم يتغير بعد، وأنّ الجمود ما زال سِمة المرحلة وفق «ستاتيكو» قديم يخضع للتجديد في كل محطة تفرضها المواقف المتصلبة والمتباعدة.

مؤشرات إسرائيلية

وتستند المخاوف الديبلوماسية الى ما يعزّزها من مواقف اسرائيلية تصعيدية، آخرها المواقف المنسوبة الى عدد كبير من اركان حكومة الحرب الاسرائيلية والتي ترجمها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، الذي قال في مؤتمر صحافي من تل أبيب: «انّ القوات النظامية والاحتياطية تجري تدريبات برًا وبحرًا وجوًا تحسّبًا لأي حرب في الشمال». وأضاف «أنّ «حزب الله» أخطأ عندما قرّر أن يهاجم إسرائيل بلا سبب». ولفت إلى أنّ «الأذرع الإيرانية تشكل تهديدا كبيرا»، مُدعياً مهاجمة «أكثر من 50 هدفًا لـ«حزب الله» في سوريا منذ بدء الحرب في غزة».

مجلس الأمن

وفي هذه الاجواء التصعيدية التي لفّت معظم ساحات المواجهة في المنطقة، تتجه الانظار الى جلسة مجلس الأمن الدولي التي ستعقد عصر اليوم بدعوة من روسيا العضو الدائم فيه، والمخصّصة للبحث في تداعيات الضربات التي شَنّتها الولايات المتحدة الاميركية في سوريا والعراق رداً على مقتل ثلاثة من جنودها في الهجوم الذي استهدف قاعدة التنف في مثلث الحدود السورية ـ العراقية ـ الاردنية الاسبوع الماضي، والتي استهدفت مواقع لفصائل موالية لإيران تتّهمها واشنطن بمهاجمة قواتها في المنطقة.

جبهة الجنوب

وعلى صعيد الجبهة الجنوبية، أغار الطيران الحربي الاسرائيلي بعد ظهر امس على أحد منازل حي «الطرّاش» في بلدة ميس الجبل. كذلك اغار على بليدا تزامناً مع قصف مدفعي استهدفَ بلدة كفركلا وأطراف العديسة ومطلّ الجبل في مدينة الخيام وتلة الحمامص ومروحين وأطراف راشيا الفخار وكفرحمام، وطالَ لاحقاً أطراف الجبين وطيرحرفا وشيحين ومجدل زون.

وسجّل بعد الرابعة عصراً سقوط قذيفتين على تلة العويضة من جهة الطيبة، وقذيفة بين حولا ومركبا وحرج راشيا الفخار وحولا.

وفي بلدة بليدا كما عيتا الشعب وعيترون وكفركلا وغيرها من القرى الحدودية، حاول العدو الاسرائيلي تَرهيب مُشيّعين شهيدَي حركة «امل» علي خليل ومصطفى ضاهر، حيث قصف احد المنازل القريبة من جبانة البلدة بقذيفتي مدفعية، فكانت ردة فعل المشيّعين أن هتفوا: «لَبّيك يا حسين».

ورداً على الاعتداءات، استهدفت ‌‌‌‌‌‌‏‌‏‌‌‌‏«المقاومة الإسلامية» عصراً ‏موقع المرج ومبنيين ‏في مستعمرة المنارة.‏ وردت المقاومة على ‏الاعتداءات الإسرائيلية التي طاولت القرى والمنازل المدنية وآخرها في بليدا وميس الجبل، باستهداف ‌‌‌‌‌‌‏‌‏‌‌‌‏تجمّع للجنود الاسرائيليين في خلة المزرعاني جنوب موقع العباد.‏ وقصف المقاومون موقع ‏«رويسات العلم» في مرتفعات كفرشوبا المحتلة، وموقع زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة. ‏

وردّت حركة «أمل» ايضاً على الاعتداءات التي أسفرت عن استشهاد اثنين من عناصرها، باستهداف ثكنة ادميت بركة ريشا ومستوطنة مارغيليوت وموقعي حانيتا وعرب العرامشة ومستوطنة ايلون.

وذكرت معلومات اخرى انّ الاسرائيليين تلقّوا عصراً ضربة موجعة جداً في موقع حانيتا.

وتحدثت قناة 12 العبرية عن رصد عدد من عمليات إطلاق الصواريخ من لبنان في اتجاه الجليل الأعلى، وألحقَ صاروخ مضاد للدروع أضراراً بمرآب سيارات في مستعمرة يارؤون. فيما تحدثت وسائل إعلام اخرى عن إطلاق 3 صواريخ من لبنان تجاه مرغليوت. وإطلاق صواريخ من لبنان تجاه منطقة «هار دوف» (مزارع شبعا اللبنانية المحتلة).

وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية: «اليوم (امس) كان من أصعب الأيام التي عرفها الشمال خلال الحرب. تم تفعيل 21 صافرة إنذار في الجليل الأعلى، خلال ساعتين فقط».

وكانت قد بلغت حصيلة شهداء الغارة الاسرائيلية على بلدة الطيبة ليل امس الاول سقوط شهيدين وجريحين، فيما واصَل الجيش الإسرائيلي القصف بمدفعيته الثقيلة أطراف بلدات الناقورة ويارين ورميش وعلما الشعب والضهيرة وبيت ليف وجبلي اللبونة والعلام في القطاعين الغربي والاوسط.

وفي الداخل الاسرائيلي قال الرئيس السابق لوحدة «أمان» الإسرائيلية: «انه من المناسب عدم الانجرار إلى حرب شاملة مع «حزب الله»، بالتزامن مع الحرب في غزة، وذلك لأسباب عدة، ذلك أنّ الجمهور الإسرائيلي لا يعلم الثمن الباهظ، ليس فقط بالنسبة الى المستوطنات الشمالية، بل الى العمق الإسرائيلي بكامله، ومن الممكن أن يؤدي حتى إلى إشعال حرب «يأجوج ومأجوج» في المنطقة بكاملها».

ومن جهته المحلل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت» قال: «الحرب ضد «حزب الله» تعني صواريخ ثقيلة على تل أبيب وجنوبها، كان يجب تحضير الجمهور الإسرائيلي لهذه الحقائق من قبل، لكن هناك من أراد عدم إثارة الخوف في المجتمع الإسرائيلي».

امّا رئيس مجلس مستوطنة «شلومي» عند الحدود مع لبنان غابي نعمان، فقال: «شعوري هو أنّ كل المؤتمرات التي جَرت، سواء مؤتمر وزير الحرب أو المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ليست موجّهة لسكان الشمال، بل موجّهة للمبعوث الأميركي. أنا حقاً أعتذر، لكنني لا أثق في الجيش الإسرائيلي، لقد فشل في الجنوب، وأنا خائف جدًا من أنه سيفشل مرة أخرى في الشمال، خصوصاً مع وجود منظمة كبيرة جدًا عند الحدود».

 

الأكثر قراءة