بعد نفاد اموال حقوق السحب الخاصة التي حصل عليها لبنان من صندوق النقد الدولي، والتي بلغت حوالى مليار و130 مليون دولار، لا بد من الاشارة الى ان هذه الاموال مخصصة في الاساس لدعم اقتصاديات الدول الهشّة. فهل يستطيع لبنان ان يحصل على المزيد، من خلال الاقتراض هذه المرة من دون فوائد، من الحزم التي يخصصها صندوق النقد للفقر؟
من خلال مقالة نشرتها مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، يمكن الاستنتاج ان مجالات الاقتراض قائمة، ولو انها تحتاج الى توفر الشروط المناسبة. وقد تكون الفرصة متاحة امام لبنان، للافادة من هذه القروض، للمساعدة في مكافحة الفقر الذي توسعت دائرته الى مستويات غير مسبوقة.
كتبت جورجيفا، بالتعاون مع برنار لاورز، وجيلا بازارباشيوجلو، ما يلي:
«قدم صندوق النقد الدولي أكبر قدر من المخصصات على الإطلاق من حقوق السحب الخاصة بقيمة 650 مليار دولار من الاحتياطات والسيولة الملحوظة إلى اقتصادات العالم منذ عامين، لمواجهة تداعيات جائحة كوفيد-19. والحقوق الخاصة للسحب هي أصول احتياطية دولية فريدة من نوعها تمتلكها عادة الدول الأعضاء كأصول احتياطية رسمية.
تحصل الاقتصادات المتقدمة ذات المواقف الخارجية القوية على الحقوق الخاصة للسحب بالإضافة إلى الاحتياطات الكبيرة التي لديها بالفعل. تقدّر حصة هذه الدول من مخصصات حقوق السحب الخاصة بنحو 350 مليار دولار. والعديد من البلدان تجلس «خاملة» إلى حد ما لأن هذه البلدان محمية بالفعل. إذا تمكنّا من توجيه هذه الدول الأعضاء الاقوى اقتصادياً، نحو دعم شركائهم من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، يمكن أن نقدم فوائد حقيقية للبلدان التي تحتاجها أكثر.
منذ عام 2021، هذا بالضبط ما حدث. اتفقت مجموعة العشرين ودول أعضاء أخرى من الأقوى اقتصادياً، على تقديم أكثر من 100 مليار دولار من هذه الاحتياطات طواعية.
يوضح «جدول الأسبوع» كيف تعمل آلياتنا لتوجيه الحقوق الخاصة للسحب بكميات كبيرة على دعم البلدان من خلال آليتي القرض الخاص بالفقر وزيادة النمو وصندوق القرض الخاص بالمرونة والاستدامة. هذه الصناديق تسمح لنا بدعم أعضائنا الضعفاء وأصحاب الدخل المنخفض الذين يواجهون تحديات متعددة ومتنوعة.
منذ الجائحة، قدم صندوق النقد الدولي نحو 30 مليار دولار كقروض خالية من الفوائد لـ 56 بلداً من البلدان النامية من خلال صندوق القرض الخاص بالفقر وزيادة النمو. هذا التمويل هو مصدر دعم حيوي للسياسات ودعم المدفوعات للتعامل مع صدمات عاجلة، مثل صدمات الغذاء في ملاوي وهايتي، ولدعم برامج تتضمن إعادة هيكلة الديون مثلما حدث في تشاد وزامبيا. إنه يساعد في استعادة الاستقرار الاقتصادي وتعزيز المؤسسات الاقتصادية، وهو أمر حاسم للإفراج عن تمويل إضافي ملح للاستثمارات التي تعزّز النمو من المانحين والقطاع الخاص.
بفضل توجيه الحقوق الخاصة للسحب والمساهمات الأخرى، نحن في وضع أفضل لتلبية احتياجات البلدان الأعضاء ذات الدخل المنخفض عن طريق زيادة دعمنا المالي من خلال صندوق القرض الخاص بالفقر وزيادة النمو إلى 40 مليار دولار خلال الفترة الممتدة من 2020 إلى 2024. (تقريباً، خمس مرات المتوسط التاريخي).
إن صندوق القرض الخاص بالمرونة والاستدامة، الذي تم إنشاؤه قبل أقل من عام، هو آلية أولى من نوعها تمكن صندوق النقد الدولي من تقديم تمويل طويل الأمد بتكلفة معقولة للمساعدة في التصدي للتحديات الهيكلية مثل تغير المناخ والاستعداد للجائحات. قدّم الأعضاء حقوقهم الخاصة للسحب لدعم هذا الصندوق بما في ذلك توجيهها ومساهمات أخرى بقيمة 41 مليار دولار، والذي من المتوقع أن يسهم في تلبية نحو 29 مليار دولار في التمويل.
النقطة الأساسية هي أن توجيه الحقوق الخاصة للسحب يسير بشكل جيد وأصبح أمرا ضروريا لتلبية الطلب على الدعم من خلال صندوق القرض الخاص بالفقر وزيادة النمو وصندوق القرض الخاص بالمرونة والاستدامة. وهذا الدعم مهم بشكل خاص في هذا الوقت. توقعاتنا للنمو على المدى المتوسط هي الأدنى في عقود بسبب التفاوتات المتزايدة، كما جرى توضيحه في أحدث نظرة للاقتصاد العالمي التي تم نشرها هذا الأسبوع. ومع استمرار ارتفاع معدلات التضخم، من المرجّح أن تبقى أسعار الفائدة السياسية مرتفعة لفترة أطول، وهذا سيضيق أكثر فأكثر على المقترضين. والعديد من البلدان ما زالت تعاني آثارا اقتصادية للجائحة بينما تواجه صدمات عالمية متعددة، بما في ذلك عدم الأمان الغذائي وتغير المناخ. وستحتاج إلى دعم إضافي من صندوق النقد الدولي.
بينما تستمر هذه التحديات، سيستمر التزامنا بمساعدة الأعضاء في التعامل معها من خلال ضمان توفر موارد كافية لصندوق النقد الدولي لتلبية احتياجات أعضائنا المتزايدة. توجيه الحقوق الخاصة للسحب هو آلية ثبتت فعاليتها في هذا الصدد. الآن يجب علينا الاستمرار في هذا العمل والبناء عليه.
لقد كنّا نناقش مع أعضائنا كيفية توسيع توجيه الحقوق الخاصة للسحب بشكل أكبر لصالح صندوق القرض الخاص بالفقر وزيادة النمو وصندوق القرض الخاص بالمرونة والاستدامة، وكنا نشجع بعض الاعضاء،على التزامات جديدة خلال الاجتماعات السنوية. هذا التجمع من الأمانة ضروري جداً في عالمنا، ويشير إلى إمكانية تحقيق الهدف المشترك عندما نتّحد من أجل المصلحة المشتركة الأوسع.