مانشيت "الجمهورية": مبادرة برّي: أكثرية معها... عبداللهيان: الرئاسة شأن لبناني... ومنصوري إلى المملكة غداً
Saturday, 02-Sep-2023 06:32

بإطلاقه الدعوة الى حوار السبعة ايام في مجلس النواب، وضع الرئيس نبيه بري كلّ الاطراف الداخلية المعنية بالملف الرئاسي امام مسؤولياتهم للتفاعل الايجابي مع محاولة أخيرة لصنع حل رئاسي لبناني في ايلول الجاري، يفرج عن رئاسة الجمهورية، وينهي وضعاً شاذاً شوّه السياسة والرئاسة وشلّ البلد بشكل عام، وأعدم الاقتصاد والمال، وعكّر العيش والحياة، وأدخل المعاناة الى بيت كل لبناني.

وفي انتظار الخطوة التالية التي سيُقدم عليها بري في الإيام المقبلة، ربطاً بتعاطي المكوّنات السياسية معها، الذي سيحدّد ماهية هذه الخطوة أكان في اتجاه استكمالها او فرملتها على ما جرى في مبادرته الحوارية السابقة، يبقى المشهد الداخلي مراوحاً في دائرة الجمود، الذي يتعرّض بين حين وآخر لمحاولات تحريك، من دون ان تكون لها مفاعيل نوعيه على ما جرى في الزيارة الاخيرة للوسيط الاميركي آموس هوكشتاين، وكذلك في زيارة وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان، الذي أجرى سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين، وكان لافتاً تأكيده انّ الانتخابات الرئاسية في لبنان هي شأن لبناني. وعلى ما قد يجري لاحقاً في الزيارة القريبة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لإطلاق عملية حوارية حول رئيس الجمهورية.

 

منصوري الى الرياض

على انّ البارز في موازاة هذا الجمود السياسي، هي التطورات المتسارعة في الأجواء المالية والنقدية في ظل الحاكمية الجديدة لمصرف لبنان، والسياسة المتشدّدة التي ينتهجها حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري، لجهة الحفاظ على الاستقرار المالي ومنع تفلّته، وعدم المسّ بالاحتياط، والشفافية التي ينتهجها في ادارة هذا القطاع.

 

وعلمت «الجمهورية» انّ منصوري سيقوم غداً الأحد بزيارة إلى المملكة العربية السعودية تلبية لدعوة نقلها اليه السفير السعودي في لبنان وليد البخاري قبل ايام. وبحسب المعلومات، فإنّ منصوري سيمضي في المملكة اياماً عدة، حيث أُعدّ له برنامج لقاءات واسع مع عدد من كبار المسؤولين السعوديين، ولاسيما في القطاع المالي.

 

وأبلغت مصادر مصرفية إلى «الجمهورية» قولها انّ زيارة منصوري بالغة الأهمية لجهة توقيتها ومضمونها، ومفاعيلها بالتأكيد إيجابية للبنان، وتؤكّد بما لا يرقى اليه الشك انّ السعودية وخلافاً لكل ما يُقال من هنا وهناك، لم تُخرج لبنان من دائرة اولوياتها واهتماماتها، ويعنيها مباشرة أن ترى لبنان قد خرج من أزمته السياسية، ودخل في انفراج حقيقي في أزمته المالية والاقتصادية.

 

عنزة ولو طارت

وإذا كانت مبادرة بري قد أراد من خلالها كسر جدار التعطيل الرئاسي، آملاً ان تُقابل بما اعتبرها رئيس المجلس «صحوة وطنية» تستولد رئيساً للجمهورية في ايلول، فإنّ ارتداداتها تبدّت سريعاً، حيث انّها احدثت فرزاً واضحاً في الواقع السياسي، بين اكثرية تؤيّدها باعتبارها السبيل الوحيد المتبقّي لفتح الطريق الرئاسي والخروج من هذا الواقع المشوّه، وبين اقلية تعاكسها، كما بدا في مواقف بعض المكونات التي تسمّي نفسها سيادية. ووصفتها مصادر قريبة من المبادرة بقولها لـ«الجمهورية» بأنّها «فئة مخاصمة للحوار تحكمها الشعبوية، شعارها الأول والأخير»عنزة ولو طارت»، آلت على نفسها الّا ان تنتهج مسار إجهاض كل فرص الإنقاذ وإبقاء البلد في مستنقع التعطيل ووحل الصراعات والتناقضات السياسية. لا لشيء الّا للتعطيل وإبقاء الأزمة قائمة، اما ماذا يستفيدون من ذلك، فلا احد يعرف، وأكثر من نشك بانّهم يعرفون».

 

فرنجية يرحّب

إلى ذلك، رحّب النائب طوني فرنجية بالدعوة التي اطلقها الرئيس بري الى الحوار، وقال لـ«الجمهورية»: «نحن مع اي دعوة للحوار، والدعوة الصادرة عن الرئيس بري هي دعوة عقلانية ينبغي التجاوب معها، لانّ من شأنها ان تزيل هذا التعثر في المسار الرئاسي». وتوجّه إلى من لا يريدون الحوار قائلاً: «هل المطلوب هو الانتحار الجماعي؟».

 

جرادة

ووصف النائب التغييري الياس جرادة دعوة الرئيس بري بـ«الايجابية جدًا» وقال لـ«الجمهورية»: «اعتقد انّ من الضروري ان يُبنى عليها، بحيث تكون لدينا المسؤولية والذكاء الكافي لننحى في اتجاه بلورة حلول ومخارج للأزمة». اضاف: «في رأيي انّ هذه الدعوة جاءت في وقتها، وهي تعدّ مخرجاً مشرّفاً للجميع دون كسر عظم. علينا ان نعي جميعاً في هذه المرحلة، انّ علينا الّا نسلك اتجاهات كسر عظم لأحد، بل ان نتجّه جميعاً لبناء وطن كلنا موجودون فيه، وكلنا مشاركون فيه، وليس لطرف على حساب طرف. ومن يفكر ان يذهب إلى وطن على قاعدة كسر فريق للشريك الآخر، فإنّه بذلك يؤسس الى حرب. اعتقد انّ المبادرة التي أُطلقت خطوة جيدة ولو متأخّرة، وانما مناسبة جداً لبداية تقودنا الى أن نجتمع كلنا معاً».

 

عطية

وقال عضو «الكتلة الوسطية» النائب سجيع عطية لـ«الجمهورية»: «هذه الدعوة من حيث المبدأ جيدة. وننتظر تفاصيلها، ولكن في الإجمال سررت بموضوع الجلسات المتتالية ، لأنّ هذا الامر كان عقدة في السابق، ودار حولها سجال وتفسيرات دستورية مختلفة، اليوم بهذه الدعوة نكون قفزنا قفزة نوعية وحسمنا هذه المسألة».

 

ولفت الى «اننا ككتلة وسطية مع الحوار، وخصوصاً إذا كان الحوار ضمن سقف وليس حواراً الى ما شاء الله». وقال: «الجلسات المتتالية امر جيد، يعني أنّ الانتخاب يتمّ على الـ 65 نائباً، ما يعني انّ امكانية ان ننتخب رئيس جمهورية في ايلول تصبح جدّية، بخاصة انّ الوضع لا يستطيع ان يحتمل بعد ايلول ولا يوماً واحداً. حيث لم يبق مال في البلد، والتشريع معطّل، ولا توجد حكومة، لذلك حرام الاّ نتلقف هذه الفرصة».

 

خلف: 266 يوماً

وقارب النائب ملحم خلف مبادرة بري بكونها «اكّدت على ما سبق واكّدنا عليه». وقال لـ«الجمهورية»: «على مدى 266 يوماً نقول هذا الكلام، حيث سمعنا كلاماً شديد الوضوح بأنّ هناك عودة الى سيادة الدستور. لطالما اكّدنا ان لا احد يختزل النواب، وقلنا بضرورة الالتزام بالدستور وعقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس الجمهورية، واليوم ولأول مرة يُقال ما قلناه واكّدنا عليه، وهذا إقرار بأنّ موقفنا صح. بأنّ المطلوب هو فهم الدستور كما هو قائم، وهذا ما ينبغي ان نركّز عليه».

ورداً على سؤال، قال: «حتى الآن ما يتصل بهذه الدعوة ليس واضحاً، لكي يُبنى موقف عليها».

 

شهيب: لا رئيس بالفرض

واكّد عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب اكرم شهيب أن «لا حل الّا بالحوار». وقال لـ«الجمهورية»: «لا احد يستطيع ان يفرض مرشحه الرئاسي على الآخر، وهذا ما تؤكّده تركيبة البلد وكذلك تركيبة المجلس النيابي. فلا مخرج من الوضع القائم الاّ بنزول كل طرف عن شجرته، والتلاقي في ما بينهم وصولاً الى قواسم مشتركة، تحوّل سلبية التعطيل الى ايجابية وانتخاب رئيس، ودون ذلك لن نتمكن من تحقيق هذا الامر».

 

ولفت الى «انّ الحوار لا يتمّ عبر الحمام الزاجل، بل يقتضي اولًا إدراك انّ العالم له اولوياته واهتماماته بعيداً من لبنان، وهذا يوجب الجلوس على الطاولة لبلوغ الحلول. اذا ما قعدنا مع بعض فلا حل ولا رئيس».

 

وحذّر من انّ وضع البلد يزداد صعوبة وقال: «لا اريد ان استعرض كل مجالات المعاناة، لكن وضع البلد ليس طبيعياً. كل المؤسسات تعاني، الجيش وغير الجيش، وايضاً نحن في شهر ايلول، والمدارس على الابواب، هناك جيل كامل مهدّد ان يبقى خارج المدارس.. فإلى أين ذاهبون؟».

 

بقرادونيان: صفاء النيات

ورأى النائب آغوب بقرادونيان «انّ هناك بعض الخطوات ربما تكون ايجابية إذا صفيت النوايا وفُتحت ابواب الحوار بين الاطراف المختلفة». وقال لـ«الجمهورية»: «دائما نشدّد على انتخاب رئيس للجمهورية، ونأمل ان تحصل بعض التغيّرات في شهر ايلول في طريقة مقاربة الموضوع الرئاسي ونصل الى انتخاب رئيس توافقي في المدى المنظور».

 

وحذّر من الانهيار وقال: «إن لم يُنتخب رئيس، أخشى من انهيار الدولة، نحن في وضع انهيار دائم اوصلنا الى قعر الهاوية، وبغياب الرئيس لا نستطيع ان نستمر، بل أخاف من ان تستغل اطراف خارجية الوضع اللبناني أكان امنياً او اجتماعياً، وخلق اجواء غير مطمئنة وغير طبيعية تتسبب بانهيار كامل، ليس كدولة ومؤسسات بل كوطن. ومن هنا دعوتنا الى التشبث بالوطن وبمقاومة كل من يريد إيصال البلد الى ما قبل العصر الحجري أكانت اسرائيل او غير اسرائيل».

 

قبلان: الحوار

واعتبر عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب قبلان قبلان «أن لا بديل عن الحوار لإخراج البلد من ازمته»: وقال لـ«الجمهورية»: «الأزمة الداخلية وصلت الى مرحلة باتت معها شديدة التعقيد، الحوار هو السبيل الأسلم للحسم الايجابي وبلورة حلول. وأستغرب كيف انّ هناك من لا يريد الحوار في الداخل، ولا يريد للخارج ان يتدخّل، ويريد ان يقاتل المبادرة الفرنسية، إذاً ما هو البديل؟ ممنوع الحوار بالداخل وممنوع تدخّل الخارج، ماذا يريدون لا نعرف. الوضع اشبه بما كان سائداً في العام 1988».

 

من جهة ثانية قال قبلان: «هناك من يحاول ان يخرب علاقة قوات «اليونيفيل» بأبناء الجنوب، هذه العلاقة عمرها 45 سنة من التعاون والصداقة، وتطورت الى مصاهرات بالعشرات. هناك من يريد ان يحوّل «اليونيفيل» الى مشروع مشكل مع الناس. وانا على يقين انّ ابناء الجنوب لن يقبلوا بأن يكونوا مشروع مشكل مع القوات الدولية، لانّهم يعتبرون هؤلاء الجنود هم رسل سلام، وهم بالحدّ الادنى شاهد على الاعتداءات الاسرائيلية والخروقات البرية والبحرية والجوية. هناك عقول شيطانية تسعى لأن تخرب هذه العلاقة، ولكن وعي ابناء الجنوب أقوى من هذه الشياطين».

الأكثر قراءة