هل السيادة أصبحتْ في البحر...؟
الوزير السابق جوزف الهاشم
Friday, 25-Aug-2023 06:40

هجَـم النفطُ مثلَ ذئبٍ علينا      فارتَميْنا قَتْلى على نعْلَيْهِ

مِنْ خـرابِ الخـرابِ جـاءَ إليكمْ      حـامــلاً موتَـهُ عـلى كتفيهِ

مـن شظايا بيروت جـاءَ إليكمْ      والسكاكينُ مـزّقَـتْ رئتيْـهِ.

         نـزار قباني

يُعجبني جداً، أنْ يُطلقَ على الصندوق النفطي إسم «الصندوق السيادي»... ويُعجبني أكثر، أنّ الذين هجّروا السيادة من البـرّ، يحاولون أن يلتقطوها في صندوق من البحر.


السيادةُ، ليست كلمةً مطّاطـةً، متعدّدة المفاهيم... وليست جاريـةً سائبةً في سوق البغايا، إنّها كلمة طاهرة لا يمكن اغتصاب عذريِّتها... وقبل أنْ نتَّـفق أو نختلف على مواصفات الرئيس.. فهل نحن متَّفقـون على مواصفات سيادة الوطن وسيادة المواطن وسيادة القانون وسيادة الدولة...؟


فإذا كانت الدولة منتهكة السيادة، فلا سيادة لكل ما ينبثق منها: من سلطات ومجالس ومؤسسات وإدارات وصناديق..


في الكلام على «الصندوق السيادي»، تبرز مجموعة من التساؤلات حـول هذا الإستعجال الملحّ في تقاسُمِ جلـدِ الـدبّ... مع أنَّ موعد اصطياد الـدبّ لا يقـلّ عن سنوات..؟


الوطنُ في مهبّ الأمواج، ولا تـزال الأيدي التي سطَتْ على صناديق الدولة تلاحق صندوقاً في البحر بحـجّةِ انتشالِ السيادة.


هل سيكون هذا الصندوق السيادي النفطي شبيهاً بالصندوق السيادي الكهربائي، بلا «هيئـة ناظمة»، ليتساوى بينهما الهـدرُ بما يقارب الستة والأربعين مليار دولار عبْـرَ التجارة بالغاز...؟


يقول الرئيس ميشال عـون في (29/3/2021): «إنّ النائب جبران باسيل هو الذي أوجـدَ أفضل الحلول على مستوى الكهرباء وإخراج الغاز...»


وبهذا، يكون صاحب الفضل هو صاحب الحـقّ في إيجاد أفضل الحلول لإدراة: «الصندوق السيادي» بحيث يصبح كإمرأة قيصر منزّهاً عن الفساد والشبهات.


لأنّ النائب جبران باسيل قد صـرّح أخيراً: «بأنّـه لا حظوظ لـهُ في رئاسة الجمهورية»... فلا بـدَّ إذاً مِـنْ أن يكون هذا الصندوق، وصناديق مقفلة أخرى، مادةً للتفاوض حـول البديل الرئاسي، عِبْـرَ مطالب متواضعة ومنها:


أولاً: أنْ يستحصل في حواره مع حزب اللـه على وعـدٍ ضمنيّ بالإستحقاق الرئاسي سنة 2028، على غرار الوعد الذي تلقّاه رئيس تيار المـردة سليمان فرنجية بعد تنازُلهِ لمصلحة الجنرال ميشال عـون، مع العلم بأنْ المستقبل ليس بيـدِ حزب اللـه بقدر ما هو بيـدِ اللـه.


ثانياً: أنْ يكون لَـهُ الرأيُ في اختيار المرشح الرئاسي الذي يؤمِّـن ظهر المقاومة، بمثل ما كان هو سنـدَ الظهر للعهد العوني.


ثالثاً: أن تكون لَـهُ الحصّـةُ الراجحة في التعيينات التي تُعرفُ بالحصَّـة الرئاسية، أبرزها: حاكمية مصرف لبنان، قيادة الجيش، ورئاسة مجلس القضاء الأعلى.


ويعرفُ الحبيب كيف يتدلّل، ولا سيما بعد حادثة الكحالة الأخيرة، التي تستوجب لغير اعتبار مراعاة رئيس التيار.


لا نعتقد أنّ الحزب يميل إلى كسرِ جبران الخاطر، مقابل الإستحصال على أصوات نواب التيار لانتخاب سليمان فرنجية، ما دامت مطالب جبران، مرهونةً بموافقة الحلفاء، وموافقة المجلس النيابي على اللاّمركزية المالية الموسعة التي تحتاج إلى تعديل دستوري.


الطموح إلى رئاسة الجمهورية لا غرابـةَ فيهِ ولا اعتراض عليه، ولكنّ الطموح الجامح والإستقتالي يجعل صاحبَـهُ يصطدم بخيبةِ توقُّف الطموح: هكذا قال الرئيس الأميركي «هاري ترومان»: إنـه لا يحبّ وظيفة رئيس الجمهورية لأنّـه لا مستقبل لها».


ما دامت هذه الجمهورية شبيهةً بنادي العُـراة، ومختومةً بالشمع الأحمر، فقد يصبح من الأفضل الإعتصام برئاسة الظـلّ، وقد شهدنا بالممارسة أن الرئيس الظـلّ هو الحاكم الحقيقي وراء الحاكم الرسمي.


ألم يقـلْ جبران خليل جبران: «أنا ربُّ نفسي» عندما أراد أنْ يتحـرّر من الشرائع والقوانين...»؟

الأكثر قراءة