على صعيد الاستحقاق الرئاسي، فإنّه يعيش جموداً في انتظار الجولة الجديدة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان والاجتماع الموعود للمجموعة الخماسية العربية ـ الدولية، ولم يرشح اي شيء امس عن لودريان الموجود في الخليج، وسيشارك في هذا الاجتماع الذي قيل انّه سينعقد في قطر، وسط معلومات عن وجود تباين بين اركانه حول سبل مقاربة الوضع اللبناني واستحقاقاته التي هي محور انقسام عمودي بين الأفرقاء السياسيين المعنيين.
وفي هذا السياق، أشارت السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، خلال احتفال في قصر الصنوبر في مناسبة العيد الوطني الفرنسي، إلى أنّ «الوساطة الفرنسية ترمي إلى توفير الظروف الضرورية لإقامة حوار هادىء بين أفرقاء لا يتحدثون مع بعضهم»، وذكرت متوجّهة إلى اللبنانيين، أنّه «يمكنكم في لحظة يقظة جماعية أن تطلقوا العنان للتغيير». وقالت إنّ «الخطوة التي قام بها رئيس الجمهورية (ايمانويل ماكرون) عبر اقتراح وساطة جان-إيف لودريان، إنمّا تتوجّه إليكم، وإلى لبنان هذا بالذاّت. هي خطوة تهدف إلى جمع بلدان المنطقة والمجتمع الدولي التي ما زالت تهتمّ بمستقبل لبنان، وقد أصبح وجودها نادرًا. كما ترمي إلى توفير الظروف الضرورية لإقامة حوار هادئ بين فرقاء لا يتحدثّون مع بعضهم البعض، علماً أنّه يقع على عاتقهم جميعاً إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة كي يعملا لمصلحة لبنان واللبنانيين. الهدف ليس الحلول مكانهم بل محاولة مواكبة إعادة إطلاق عجلة مؤسساتكم، فهذا شرط مسبق لا بدّ من توافره لكبح انهيار لبنان ودولته».
وأضافت: «منذ ثلاث سنوات، لم يكفّ رئيس الجمهوريّة عن حشد الجهود وحمل قضيّة لبنان ودعمه، وتجنيد طاقاته من أجل لبنان ومن أجل شعبٍ وقع ضحيّة تسويف حكّام. كنّا وما زلنا حاضرين على كافة الجبهات، على الرغم من كلّ شيء، ونحن نقوم بذلك بكلّ وعي وإدراك، ولكن أيضاً بكلّ نبُل، فاللبنانيّون يستحقوّن نبُل القلب. أنتم تستحقّونه فعلاً».
وشدّدت غريو على أنّ «لبنان ليس على ما يرام. يطيب للبعض أن يعتقدوا اليوم أنّه تمّ تجاوز الأزمة. غير أنّ الّاستقرار الحالي إستقرار خادع». ورأت أنّه «ينبغي البدء بتطبيق اللامركزية التي نصّ عليها إتفاق الطائف». لافتة إلى أنّ «رسالة لبنان منذ البدء تقضي بأن يكون بوّابة بين الشرق والغرب، تطلّ على البحر الأبيض المتوسط وعلى جبله، وبأن يكون مساحةً للتعايش في سلام بين جميع الذين وجدوا فيه ملجأ على مرّ تاريخه، ومن أجلهم جميعاً. وهي رسالة جميلة، كما أنهّا ركيزة من ركائز هويّتكم. وهي ميزتكم الفريدة في المنطقة ومصدر قوّة هائلة كما أنّها ضمانتكم الوحيدة للمستقبل».
وفي انتظار تبلور طبيعة المشهد مع عودة لودريان، أكّد عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب مروان حمادة، أنّ «الدول المشاركة في اجتماع الدوحة، لم تتفق بعد على رؤية موحّدة إزاء التعاطي مع الأزمة اللبنانية»، مستبعداً «أي تطور حاسم في المدى المنظور في سبيل انهاء الفراغ الرئاسي».
استقالات
وعلى صعيد قضية مصرف لبنان، دخل تموز نصفه الثاني وبدأ حبس الأنفاس لمعرفة مصير الحاكمية بعد انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة. وعلمت «الجمهورية»، انّ نواب الحاكم الاربعة حسموا خيارهم وسيتقدّمون الاثنين المقبل باستقالاتهم الى مجلس الوزراء، وسيكلّفهم وزير المال تصريف الاعمال الى حين تعيين حاكم جديد، على ان يُدرس موضوع الاستقالة في جلسة لمجلس الوزراء.
وفي معلومات لـ«الجمهورية»، من مصادر مالية، انّ مشروع قانون الموازنة لسنة 2023 شارف على الإنجاز وسيُسلّم في غضون اسبوع الى الامانة العامة لمجلس الوزارء ليوزع على الوزراء لدرسه، تمهيداً لتحديد جلسات متتالية لدرسه وإقراره وإحالته على مجلس النواب.
القرار الاوروبي
في غضون ذلك، تفاعل قرار البرلمان الاوروبي القاضي بإبقاء النازحين السوريين في لبنان، وتوالت ردود الفعل الداخلية المستنكرة له، لما يشكّله من مخاطر على لبنان، واعتبرته تهرباً اوروبياً من تحمّل المسؤولية، ومحاولة اوروبية لاستخدام ورقة النازحين ضدّ النظام السوري.
وفي هذا الاطار، اعتبر رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، في تغريدة له، أنّ «القرار الصادر عن الاتحاد الاوروبي في شأن اللاجئين السوريين قرار مخالف لسيادة لبنان. وإننا إذ نرفضه رفضاً قاطعاً، ندعو الدولة الى استكمال العمل الجدّي لتأمين عودة اللاجئين الى بلادهم».
وعلّق رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على القرار الأوروبي، قائلاً: «بأي حق يطلب ذلك، وبأي سلطة يُفرض علينا ما لا يقبله على دوله؟»، فليوقف الأوروبيون تمويل النازحين». سائلاً: «بأي حق يطلب ذلك؟ وبأي سلطة يفرض على لبنان ما لا يقبله على دول الاتحاد الأوروبي، فسقف الهجرة لا يتخطّى الـ30 ألفاً لكل أوروبا، بينما في لبنان 2 مليون نازح»، متسائلاً :»هل يتجرأ البرلمان الأوروبي على الحديث مع تركيا بنفس اللهجة؟».
وقال: «إذا كانت الدول الأوروبية مهتمة بعودة النازحين فلتساهم بتمويل عودتهم أو فلتأخذهم إلى أوروبا»، مشدّداً على أنّ «الحق على لبنان بسبب تخاذل المسؤولين، والمطلوب اجراءات ديبلوماسية فورية من الخارجية بحق موظفي مفوضية اللاجئين والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى ردّ من مجلس النواب بقرار واضح وملزم للحكومة ببدء تنظيم العودة الكريمة والآمنة، بموازاة تحرك شعبي غير معادٍ إنما ضاغط سلمياً لتشجيع عودتهم».
واكّد المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل عبر «تويتر»: «انّ قرار البرلمان الأوروبي هو قرار أقل ما يُقال فيه إنّه مجحف بشكلٍ متوازٍ بحق لبنان واللبنانيين وبحق سوريا والسوريين، لكونه يضع عبئاً نأت على حمله قارة مثل أوروبا، وتريد أن تلقي بثقله على لبنان». واضاف: «هو يحرم السوريين من العودة الى أرضهم وبلدهم ويريد أن يضعهم في ظروف هي أشبه بالإقامة الجبرية على الاراضي اللبنانية لكي يضمن عدم تفكيرهم بالتوجّه للبلدان الاوروبية عبر المتوسط. بئس القرار أن تضع مؤسسة التشريع الاوروبية اللبنانيين والسوريين أمام خيارات كلها ساقطة بمفهوم السيادة الوطنية والقوانين الدولية».
وبدوره رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان غرّد عبر «تويتر» قائلاً: «المواقف المندّدة بقرار البرلمان الأوروبي المتعلق بالنازحين السوريين في لبنان لا تسمن ولا تغني ولا تبرئ ذمّة البعض من تقصيرهم منذ البداية في مواجهة هذا الواقع أو العمل الجدّي على معالجته وتغييره بالتعاون مع الاحزاب والكتل النيابية الاوروبية التي عارضته وعلى رأسهم thierry mariani وزملاؤه في التجمّع الوطني، ولا سيما رئيسه Jordan Bardella». وختم: «الى اللقاء في تشرين الأول في ستراسبورغ للقاء موسّع في البرلمان الاوروبي حول هذه القضية».
وكذلك غرّد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب غسان حاصباني عبر «تويتر» وقال: «بعد العريضة التي رفعناها الأسبوع الفائت، اصدر البرلمان الأوروبي القرار التالي: «الدعوة الى تشكيل لجنة تقصّي حقائق دولية مستقلة وإرسالها إلى لبنان للتحقيق في جريمة إنفجار بيروت ضمن إطار الأمم المتحدة».
وتوجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إلى القوى السياسية والحكومة اللبنانية قائلاً: «إنّ الاتحاد الأوروبي يتآمر على لبنان بخصوص النازحين، والبرلمان الأوروبي يتعامل مع لبنان كمنفى للاجئين، ويقود حملة دولية لوصم لبنان بالعدائية والكراهية والعنصرية، بخلفية إبقاء النازحين بعيداً عن حدائق أوروبا، وأثبتت أوروبا في هذا المجال أنّها نازية وفاشية وطاغية، وذات استبداد لا نهاية له». وأكّد أنّ «المطلوب حماية لبنان من لعبة الأمم، وطريق بيروت - دمشق وسيلة إنقاذية استراتيجية، وكذلك العلاقة فوق العادة مع دمشق ضرورة حيوية لسوريا ولبنان».
في المقابل، رأى النائب نديم الجميل، أنّ «التزوير الذي يقوم به «حزب الله» واعلامه غطّى على13 بنداً تبنّى فيها الاتحاد الاوروبي كل المواقف الوطنية والسيادية التي اتخذها حزب «الكتائب» وكل الأطراف السيادية في البلد منذ العام 2004 ولغاية اليوم، من القرار 1701، الى سلاح «حزب الله» الذي يعطّل الحياة السياسية في لبنان، الى الرئيس نبيه بري الذي يعطّل انتخاب رئيس، والى الطقم السياسي الذي يعطّل الحياة السياسية».
الوضع جنوباً
وعلى صعيد الوضع على الحدود الجنوبية، لم يطرأ امس اي جديد، في وقت انقطعت الاخبار عن الموفد الاميركي عاموس هوكشتاين الموجود في اسرائيل، وتردّد انّه سيزور لبنان في اطار وساطة اميركية لتسوية الوضع الناشئ من احتلال اسرائيل للجزء الشمالي اللبناني من بلدة الغجر ونصب المقاومة خيمتين على تخوم مزارع شبعا المحتلة، فيما ذهب البعض عن انّ هذه الوساطة تهدف الى ترسيم للحدود البرية بعد الترسيم البحري الذي رعاه الموفد الاميركي.
وفي مجال آخر، وعشية توجّه المنسّقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان جوانا فرونتسكا، الى نيويورك لعرض تقريرها السنوي حول القرار 1701 في مجلس الامن، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين أنّ «في إطار الحوار والتنسيق والتعاون القائم بين السلطات اللبنانية والامم المتحدة ممثلة بـ«اليونيفيل»، انّ اجتماعاً اول لفريق العمل المشترك من الطرفين عُقد أمس الاول في السرايا الحكومية، في حضور ممثلين عن رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الخارجية والمغتربين وقيادة الجيش اللبناني، بالإضافة الى ممثلين عن قيادة «اليونيفيل»، وقد هدف الاجتماع للبحث في افضل السبل لتطبيق ولاية «اليونيفيل» في لبنان، ومعالجة الثغرات الميدانية. وتمّ الاتفاق على ان يصار الى عقد الاجتماعات المقبلة دورياً، لتعزيز الشراكة البنّاءة والمستدامة بين الجانبين، والحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان والمنطقة. وقد شدّد لبنان على إحترامه والتزامه بتطبيق كافة القرارات الدولية الصادرة عن الامم المتحدة، داعياً كل الأطراف المعنية لحذو حذوه في هذا المجال».