تتركّز الأنظار على التحقيق الذي تجريه مخابرات الجيش في حادثة القرنة السوداء لمعرفة حقيقة ما حصل، وللخروج من «قرنة» المخاوف والهواجس المتبادلة... فما هو جديد هذا الملف؟
صحيح انّ «الحكمة» نجحت في احتواء مفاعيل حادثة القرنة السوداء الدموية، ومحاصرة الاصوات التحريضية التي خرجت من هنا أو هناك، لكن هذا لا ينفي انّ هناك جمراً تحت الرماد، وانّ إطفاءه يتطلّب تحديد المسؤوليات ومحاسبة المرتكبين، أوّلاً لتحقيق العدالة وثانياً لوضع الجريمة في إطارها الحقيقي بعيداً من متناول المصطادين في الماء العكر.
ووفق مصادر واسعة الاطلاع، فإنّ التحقيقات التي يجربها الجيش في حادثة القرنة السوداء تكاد تنتهي، موضحة انّ «المحققين في مديرية المخابرات وصلوا الى الأمتار الأخيرة من مهمتهم، تمهيداً لختم التحقيق وإحالته الى القضاء المختص».
وأبلغت تلك المصادر إلى «الجمهورية» ان الجيش كان مُصمّماً منذ البداية على كشف ملابسات الحادثة في أقصر وقت ممكن لوقف الاستغلال السياسي والطائفي فيها، ولِمَنع استخدامها في أجندات مريبة، «وهذا ما دفعه الى بذل جهد استثنائي خلال وقت قصير لتظهير الحقيقة بعيداً من التأويلات والتفسيرات العشوائية».
وتشير المصادر إلى أن «التحقيق تَمّ في ظروف صعبة نتيجة تواضع الادلة المادية التي يمكن البناء عليها، حيث لا وجود لداتا اتصالات هاتفية او صور كاميرات»، موضحة انه جرى «التعويض عن هذا النقص في الوقائع الحِسيّة بالتركيز على الجانب البشري من خلال الاستماع إلى جميع الأشخاص المَعنيّين بما جرى وإخضاعهم الى تحقيق دقيق».
وتؤكد المصادر انّ المحققين توصّلوا في نهاية المطاف إلى رسم صورة واضحة لما حصل على الأرض، آمِلة في أن «يُعلن القضاء عن الحقائق ولا يُبقيها طَي الكتمان، من أجل تبريد الانفعالات والنفوس ومنع اي محاولات لافتعال الفتنة واللعب على أوتار التعبئة الطائفية».
وتلفت المصادر الواسعة الاطلاع الى انّ «ظهور الحقيقة وتحديد المسؤوليات هما الضمانة الاساسية لوقف الاستثمار في جرح بشري من قبل بعض الانتهازيين ومُقتنِصي أدوار البطولة».
وتشدد المصادر على انّ الجيش لم يكن بتاتاً طَرفاً في واقعة القرنة السوداء، «بل هو أخذ الأمور بصدره، ولولا مُسارعته الى التدخل على الأرض لكانت الأمور قد تفاقمت واتخذت منحى شديد الخطورة».
وتوضِح انّ قوات المغاوير واللواء العاشر منتشرة في المنطقة لحماية الأمن ومواجهة اي محاولة للعبث به، لكنها لفتت الى انّ المعالجة الجذرية تكمن بالدرجة الأولى في اجتِثَات سبب التوترات المتكررة، والمتمثّل في الخلاف العقاري بين بشري وبقاعصفرين.
وتعتبر انه «لولا إهمال الجهات المختصة لهذا الملف وتقصيرها في معالجته لَما وقعت هذه المأساة التي كادت ان تهدد السلم الأهلي»، مشيرة الى انّ «الجيش كان ولا يزال يطفئ الحرائق التي يشعلها تقاعس الآخرين في مجالات عدة».