يبدأ اعتباراً من اليوم العمل بسعر الصرف الرسمي، 15 الف ليرة مقابل الدولار الأميركي الواحد، بعد ثبات العملة الاميركية على الـ1500 ليرة لمدة 26 عاماً، أي بزيادة 10 أضعاف. فماذا سيتغيّر على اللبناني؟ وما التكاليف التي ستتغيّر؟
بعد أكثر من 3 سنوات على بدء الأزمة المالية، والتي كان من أبرز عناصرها فقدان السيطرة على سعر الصرف وارتفاعه في السوق السوداء الى حدود 64 الفا في أعلى مستوى له منذ بدء الأزمة، كان سعر الصرف الرسمي لا يزال على دولار 1500 ليرة في انعكاس واضح لإنكار السلطة للأزمة المالية. أما اليوم، ورغم رفعه الى 15 الفاً، فهو لا يزال بعيدا جدا من سعره الحقيقي الذي يدور راهنا في فلك 57 الى 58 الفا.
صحيح ان التداعيات المباشرة لهذا التغيّر في سعر الصرف الرسمي لن تكون كبيرة على اللبنانيين لأنّ القرارات التي اتخذت سابقاً كان لها الوقع الاقسى عليهم لا سيما منها رفع سعر الدولار الجمركي، أو من خلال تعديل اسعار بعض الرسوم المستحقة التي باتت تدفع امّا وفق دولار 15 الفا او وفق دولار صيرفة مثل فواتير الخلوي والكهرباء وغيرهما... وبالتالي انّ الدفوعات التي ستتأثر بهذا التغيير ما عادت ذات اهمية.
يبقى ان هناك بعض النقاط التي لا تزال موضع إشكالية، وتطرح بعض علامات الاستفهام حول كيفية التعاطي معها، منها:
- القروض بالدولار: حتى الساعة لا تفاصيل واضحة حول تسعيرة الدولار التي ستحتسب لتسديد هذه القروض خصوصاً القروض الاسكانية بالدولار، مع العلم ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سبق له ان اعلن في ايلول، في حديث سابق لـ«رويترز»، انه ستكون هناك استثناءات اولية ستشمل سداد قروض الاسكان والقروض الشخصية والتي ستستمر على السعر الرسمي القديم. ورغم ان هذه الخطوة مستبعدة فإنّ احداً لم يُعلِم المقترض عن مصير تسديد قرضه. وهنا لا بد من الاشارة الى صدور قرار داخلي سمح بموجبه المصرف المركزي للمصارف التجارية ان تحتسب كل قرض بالدولار تزيد دفعته الشهرية عن الألف دولار وفق دولار 8000 ليرة.
وعليه، يخشى ان تؤدي قلة الوضوح وغياب صيغة واضحة لمعالجة هذه المعضلة الى تفاقم ازمات جديدة على المواطن في الفترة المقبلة، خصوصا إذا كان مدخول صاحب القرض بالليرة اللبنانية ولا يزال. وبالتالي، لن يتمكن من تسديد قروضه وفق دولار 15 الفا.
- رساميل المصارف المقومة وفق سعر صرف 1500 ليرة للدولار: لا شك انّ المصارف ستتضرر كثيراً لدى تقويم رساميلها وفق دولار 15 الفاً، لأنّ ذلك سيعني ان ملاءتها غير متوفرة. لكن، ولتجنّب ذلك، بدأت عملية اعادة تخمين الاصول والموجودات والممتلكات وعقارات المصارف وفق سعر منصة صيرفة بما من شأنه أن ينقذ رساميلها وتأمين المَلاءة المطلوبة.
- إشكالية الايجارات: قبل الأزمة المالية كانت الايجارات محددة بالدولار ووفق دولار 1500 ليرة، فهل رفع الدولار الرسمي الى 15 الفاً سيعني حُكماً رفع قيمة الايجار بالمقدار نفسه؟ خصوصاً انه في بعض الحالات تم اعتماد تسعيرة 8000 ليرة للدولار. فراهناً، ومع تغيّر سعر الصرف الرسمي هل تتبدّل القيمة التأجيرية ام سيترك الامر للتفاوض بين المالك والمستأجر بما يعني اننا سنكون في مواجهة أزمة جديدة بين المالك والمستأجر. كذلك كيف ستتعاطى الدولة مع ابنيتها المؤجرة وهل ستُخليها؟
- الودائع الدولارية: في المقابل، لا شك انّ رفع التسعيرة الرسمية للدولار سيكون له انعكاس ايجابي ولو محدود على المودِع من خلال رفع سعر الدولار المعتمد في المصارف من 8000 ليرة الى 15 الفاً، وتسعيرة دولار التعميم 158 من 12 الفا الى 15 الفا كذلك. ومن شأن هذه الخطوة ان تعود بالفائدة على اصحاب الودائع الدولارية رغم انّ الهيركات على الودائع سيظل مرتفعا لا بل يمكن القول انه سيظل بالنسبة نفسها التي كانت على دولار الـ8000 ليرة في شهر تشرين، اي قبل الاعلان عن رفع دولار المصارف الى 15 الفا. مع العلم انّ غالبية المودعين توقفوا عن سحب ودائع الدولار منذ شهر تشرين الثاني عندما أعلن عن هذه الخطوة. لكن لا شك انه في مقابل تسجيل دولار السوق السوداء 60 الفاً، فإن سحب الوديعة الدولارية وفق دولار 15 الفا يبقى افضل بكثير من دولار 8000 ليرة.
وختاماً، تبقى العين على تقلبات الدولار في السوق السوداء في الايام المقبلة مع الازياد المتوقع للكتلة النقدية في السوق الناتجة عن ارتفاع كمية السحوبات المسموح بها من المصارف، علماً انّ المركزي حدّد سقف السحوبات الشهرية بتعميم سابق بـ 1600 دولار للحساب الواحد.