لم يُعرف لماذا توقف الكلام عن زيارة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لسوريا، والتي روّج لها إعلامياً منذ اكثر من عام، فالجميع يتذكر خطابه الشهير قبَيل انطلاق الثورة وتحديدا في 13 تشرين 2019 عندما حذّر خصومه الذين ينتظرون مرور جثته على ضفة النهر من أنهم سينتظرون كثيراً. يومها، مَهّد لزيارته القريبة لسوريا، إلا ان الثورة فَرملتها ربما، فيما مهّد ايضاً لتلك الزيارة من القاهرة في اجتماع وزراء الخارجية العرب حين طالب بعودة سوريا الى جامعة الدول العربية الامر الذي لم يَرق يومها للبعض واعتبره استفزازاً للداخل والخارج، فيما القريبون منه اعتبروا هذه الدعوة مقدمة للبدء بملف «العودة» وليس عودة باسيل الى دمشق بل «عودة « النازحين السوريين اليها.
في 13 تشرين 2019 هدد باسيل بقلب الطاولة على الجميع، في اشارة لاستعداده لإسقاط الحكومة، محذّراً الذين ينتظرون مرور جثته على ضفة النهر بالقول: «نحن كالماء تجرفكم في لحظة لا تتوقعونها إن بقيتم منتظرين مرور جثتنا عند حافة النهر». وهذا ما تحقق مع البعض بدءاً بالحكومة التي حاصرتها الثورة ومصائب الرئيس سعد الحريري، وليس بالضرورة بسبب تهديدات باسيل بل حَالفه الحظ بتوقيت تهديداته الذي أطاح الحكومة في تلك المرحلة.
وبالعودة الى الحديث عن تلك المرحلة لم يزر باسيل سوريا، ولم تتحقق الزيارة على رغم من الايحاءات الاعلامية العونية التي استمرت منذ ٢٠١٩ والترويج عن اقتراب موعدها، فيما استغربت مصادر متابعة تأخّرها وتساءلت عن اسبابها!
الزيارة على قدم وساق
يؤكد مصدر في «التيار الوطني الحر» ان الزيارة لم تتأخر وان المعنيين يعملون على إتمامها والعمل عليها جَار منذ سنة، الّا انه لم يتم تكثيفه عليها كما يجب لأسباب عدة...
ويضيف المصدر انه وخلال السنة الحالية كان يتم العمل على الترتيبات والتحضيرات للزيارة، والتي لا يمكن وصفها تحديداً بالزيارة العادية بل يتم العمل بما يمكن وصفه مشروعاً يتناول التعاون الاقتصادي بين دول المشرق (لبنان ـ سوريا ـ العراق ـ الاردن) والمحطة الاساس بالنسبة الى التيار والأهم هي سوريا، والتي يجب البدء منها بسبب بعض الخلافات التي لا يمكن إنكارها بين البلدين ومن الممكن ان تعوق التعاون.
ولذلك، يشير المصدر الى ان هناك كثيراً من الاوراق التي يتم اعدادها لتكون الزيارة مفيدة وينتج منها امر ايجابي. ولكنه يشير في المقابل الى «ان التيار لا يحل هنا مكان الدولة بل يحاول عرض مبادرة من خلال مؤتمر معيّن يطرح ماهية مجالات التعاون الاقتصادي بين لبنان وسوريا فقط لا غير»، لافتاً في المقابل الى انه «من المهم ان لا ننسى انه بالنسبة الى سوريا ايضا من الوجوب التنبّه الى انّ لديها ايضا برنامجها وجدولاً لأعمالها». واكد «ان المحادثات مستمرة والامور تسير في شكل سليم».
وفي سياق التحضير للزيارة ذكر المصدر انه في الزيارة التي قام بها وفد من «التيار الوطني الحر» الى سوريا في ايار 2021 وكذلك في كانون الثاني 2022 برئاسة الوزير طارق الخطيب وبدعوة من الحزب البعث العربي الاشتراكي، تم البحث في ضرورة تطوير العلاقات وشدّد الجانبان على وحدة الموقف في وجه التحديات المشتركة التي تهدد الشعبين اقتصادياً وسياسياً.
عملياً، وبعد مقدمات وتمهيدات اعلامية من جانب التيار تُمهّد لاقتراب موعد زيارة باسيل لسوريا، فإنها لم تتحقق حتى الساعة ربما لأسباب تخصّ التيار، بحسب بعض المحللين والمتابعين، فيما يرى البعض الآخر ان التوقيت السياسي للزيارة قد لا يكون مناسباً في المرحلة الحالية لباسيل وتحديداً في مرحلة الفراغ الرئاسي، مرجّحين ان الرئيس السوري بشار الاسد قد يُحرج باسيل اذا طالبه بالتصويت لصديق العائلة، اي لسليمان فرنجية...
اوساط معنية بالزيارة استبعدت ان يطلب الاسد من باسيل اي تسمية، مؤكدة اقتراب تلك الزيارة.
ولدى سؤالها اذا كان للزيارة علاقة بالملف الرئاسي واذا كان التوقيت الذي ربما لم يختره باسيل إنما اختارته القيادة السورية سيُحرجه؟ أوضحت المصادر القريبة من باسيل ان لا علاقة لزيارته الى دمشق بالملف الرئاسي، مضيفة ان لا احد يمون ان يطلب منه او يُملي عليه الاسم الرئاسي، والدليل انه لم يستجب لتمنّي «حزب الله»... مضيفة «ان باسيل لن يلبّي للاسد ما رفض تلبيته لـ«حزب الله»، ومكررة «أن سبب زيارة باسيل الى سوريا هو التحضير للعمل الاقتصادي بين البلدين، وتحديدا التحضير لمؤتمر ذو طابع اقتصادي حول ما هي المشاريع المشتركة الممكن اقامتها بين لبنان وسوريا ولا تتضمن تلك الزيارة اي اهداف اخرى».
فيما اكد مصدر معني «ان هذه الزيارة التي يجري التحضير لها منذ نحو سنة، هي محصورة بموضوع التعاون الاقتصادي من ضمن رؤية يتقدم بها التيار حول ما يسمّى المشرقية الاقتصادية».
اما بالنسبة الى موقف باسيل وخياراته الشخصية فيما يتعلق بالملف الرئاسي، فأكد المصدر نفسه «ان من يعرف باسيل يعلم انه من الصعب اقتناعه او إقناعه بما ليس مقتنعاً به، ومن الواضح أن لا أحد استطاع «المَونة» عليه حتى اليوم في هذه المسألة».