اللافت في المشهد اللبناني، انّه على رغم الأزمة المالية الخانقة والوضع المعيشي المأسوي وغياب الحلول والمعالجات، فإنّ الأزمات السياسية تتوالى وتتصدّر الواجهة، إما بسبب الفشل والقصور والنكد الذي أوصل البلد إلى الانهيار، وإما بهدف التغطية على الانهيار والعجز عن إيجاد الحلول، فيصار إلى التوتير المتعمّد، فيما الشعب اللبناني يغرق في رمال الأزمة ولا من منقذ، وفصل الخريف يقترب مع استحقاقاته المدرسية والجامعية والمعيشية والتدفئة غير المؤمنة.
وإذا كان لا مؤشرات حتى اللحظة إلى احتمال تأليف حكومة جديدة، فإنّ كل الأنظار مركّزة على اتجاهين:
الاتجاه الأول، ترسيم الحدود في ظل التطابق في المواقف بين لبنان الرسمي و«حزب الله»، ما يعني الدفع نحو الإسراع في إنجاز هذا الملف الذي صدر أكثر من موقف يؤكّد أنّ الأمور سالكة والانفراج قريب. والأنظار ستكون مشدودة على الزيارة المرتقبة للوسيط الأميركي، لمعرفة ما إذا كانت ستكون الأخيرة، تمهيداً للاتفاق، ام انّ الخلاف حول التفاصيل سيُبقي القضية قيد المراوحة.
والاتجاه الثاني، هو الانتخابات الرئاسية، وما يمكن رصده على هذا المستوى يكمن في الآتي:
ـ أولاً، عدم تبنّي «حزب الله» أي مرشّح حتى اللحظة، خلافاً لتبنّيه المعلن في الاستحقاق السابق للعماد ميشال عون. وهذا يعني انّ الموقف من الاستحقاق الرئاسي داخل فريق 8 آذار لم يُحسم بعد، ولا مؤشرات إلى قرب حسمه، وقد يكون السبب وراء ذلك، إما تريُّث الحزب لاعتبارات دولية وإقليمية ليحسم الاتجاه في ضوئها، وإما بفعل عدم قدرته على توحيد الموقف بين حليفيه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ورئيس تيار «المردة» النائب والوزيرالسابق سليمان فرنجية.
- ثانياً، خروج باسيل عن صمته وإعلانه في وضوح انّه لا «يرى السبب لتأييد ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية بسبب اختلافاتنا في الملفات الداخلية»، فضلاً عن عدم سحبه ترشيحه من التداول، وفتحه الباب للتقاطع مع «القوات اللبنانية» من أجل الاتفاق على رئيس، وذلك في رسالة موجّهة إلى «حزب الله» من انّه على استعداد لأي خيار في حال عدم تبنّي الحزب ترشيحه للرئاسة.
- ثالثاً، حدّدت «القوات اللبنانية» موقفها الذي ينحصر بوحدة موقف المعارضة من أجل قطع الطريق على اي مرشح 8 آذاري، وسعياً لإيصال المرشح الذي يعكس تطلعات القوى السيادية والتغييرية التي فازت في الانتخابات النيابية، وبالتالي غير مستعدة لأي تواصل مع أي فريق تُحمِّله مسؤولية إيصال لبنان إلى الكارثة.
- رابعاً، عدم وضوح موقف 8 آذار الرئاسي ينسحب على موقف المعارضة الذي لم ينضج بعد، لا على مستوى وحدة الموقف، ولا لجهة الاتفاق على اسم واحد وتبنّي ترشيحه.