وفي السياق تكشف مصادر قريبة من بكركي لـ«الجمهورية» انه بغضّ النظر عن مضمون اللوائح المرسلة من القصر فإنّ الجو العام ليس جوا ايجابياً بين الرئيسين عون والحريري بل ما زال سيئاً، وبالتالي يبدو ان لوائح التشكيلات ليست مقبولة من قبل الحريري ولو انه بحسب المصادر نفسها لم يعط بعد جوابه النهائي، ناهيك عن انّ الحريري يعتبر بأن ليس عليه الاجابة عن التشكيلات المرسلة لأنّ طرح اللوائح ليس من صلاحيات الرئيس عون إنما هو من صلاحية الرئيس المكلف والا لماذا اطلق عليه اسم «المكلف»، بما يعني أنه «الأوْلى بالتكليف»، وبالتالي يعتبر الحريري ان عرض اللوائح في الأساس وكأنه لم يكن بالنسبة اليه بغض النظر اذا قبل بمضمونها ام لم يوافق على المضمون. كما يعتبر نفسه المعني الأول بعرض اللوائح على الرئيس بغضّ النظر اذا رفضها عون او وافق عليها.
بكركي مع التجاوب
في السياق، يشعر البعض ان تموضع بكركي اقله بالنسبة الى الملف الحكومي يشهد تقلبات متتالية وبخاصة عند تحديد المسؤولين عن التعطيل، فتاره نجدها تساند الحريري معتبرة انّ التعطيل سببه العهد وطوراً تلوم الحريري وتدعوه الى المبادرة لإنقاذ الحكومة! مصادر بكركي توضح انّ مواقف بكركي ثابتة وكذلك تموضعها ثابت، إنما من المؤكد هي تراقب التجاوب من قبل الفرقاء المعنيين فإذا كان ايجابياً تشيد به وتشير اليه كما تشير ايضاً وتحذّر في حال عدم التجاوب من قبل البعض الآخر.
وتؤكد انه «ليس البطريرك اليوم هو من عليه اتخاذ المواقف في حال قبول او رفض الحريري للوائح الحكومية، علماً ان الراعي لم يحبذ موقف الحريري حين عرضت عليه التشكيلات واللوائح إذ كان يتمنى لو أجاب عنها سواء بالقبول أو الرفض.
ولفتت مصادر بكركي إلى انّ «الراعي ذكّر الحريري أيضاً بأن الحكومة تتألف من لبنان وليس من الخارج، اذ يعمد الحريري مؤخراً الى مفاجأة اللبنانيين والمغادرة وبالأخصّ عند طرح المبادرات الانقاذية».
وتضيف مصادر بكركي انّ «هم الراعي هو انجاز الاتفاق بين سعد الحريري والرئيس ميشال عون، فهي لا يمكنها التخلّي عن رئيس الجمهورية لأن ولايته لم تنته، كما لا يمكن الطلب من الرئيس لأن يستقيل، وفي الوقت نفسه، لا يمكن للبطريرك أن يطلب مباشرة من الحريري أن يعتذر، فالأخير لا زال يمثّل غالبية الطائفة السنية، مشيرة إلى ان الراعي لا يريد فتح خلاف «سنّي ماروني» على الساحة المحلية.
وذكّرت المصادر ان تسمية الوزراء ليست من مسؤولية البطريرك الراعي وهو قالها مباشرة. واعتبرت انّ مجرد عرض اللوائح على البطريرك محاولة لتوريطه ونقل المشكلة اليه، وللايحاء وكأنّ المشكلة تكمن فقط في تسمية وزيرين مسيحيين، فيما الواقع غير ذلك.
وتؤكد مصادر بكركي انّ الكلمة الفصل في الملف الحكومي لن تكون للبطريرك الراعي وفق ما يتم التداول به من قبل البعض، موضحة أن الراعي يحاول بشتى الوسائل تقريب وجهات النظر بين الفرقاء االمتخاصمين.
إستقالات بالجملة؟
في المقلب الآخر، يراقب «التيار الوطني الحر» مدى جدية المبادرة وإمكانية نجاحها فيما ترصد جميع الاطراف رَد فعل العهد ومن خلفه «التيار» في حال أخفقت الخرطوشة الأخيرة في إصابة الهدف، من دون التغافل عن الخيار الجديد لتكتل «لبنان القوي» الذي لمّح اليه بجدية رئيس التيار جبران باسيل، معتبراً انه من الممكن ان يكون احد الخيارات الممكنة، في وقت وضع البعض طرحه في سياق المناورة للضغط على الحريري على قاعدة «عَليّ وعلى اعدائي» في حال أصرّ الحريري على عدم الاعتذار او انعدمت فرص التجاوب.
باسيل: متأنّون… وجدّيون في نفس الوقت
ويشير رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لـ«الجمهورية» إلى أن موضوع الاستقالة لن يكون واضحاً فيه حالياً «لأننا متأنّون… وجدّيون في نفس الوقت»، مذكّراً بأبرز ما صدر في بيان التكتل بالأمس، أي «بعدم المماطلة أكثر ومن انّ هناك عدة خيارات ومتدرجة».
فهل تؤدي تلك الخيارات الى التسابق على الاستقالات النيابية؟ وماذا عن موقف القوات اللبنانية؟ هل تلاقي التيار في التوقيت بالاستقالة من المجلس النيابي ام سيكون لديها قراءة او حسابات اخرى؟
«القوات»: نؤيد الاستقالة
مصادر «القوات اللبنانية» تؤكد لـ«الجمهورية» موقفها الواضح من موضوع الاستقالة من المجلس النيابي، «لأنّ لديها هدفاً وهذا يعني انها لا تتوقف عند استقالات التيارات او الاحزاب الاخرى لتبني على ذلك استقالة كتلتها، فهي لا مشكلة لديها مع من يستقيل أولاً، فالهدف بالنسبة اليها هو الانتخابات النيابية المبكرة، وكل من يعتمد الاستقالة كوسيلة لإسقاط المجلس تتلاقى معه «القوات» لأنّ الانقاذ لن يتحقق في ظل الاكثرية الحالية»، لافتة في المقابل إلى «انّ البعض يريد في الحقيقة الاستقالة للتخلص من الحريري فيما نحن نريد الاستقالة من اجل إعادة إنتاج كل السلطة اي إنتاج مجلس نيابي جديد ورئيس جمهورية جديد ورئيس حكومة جديد. وبالتالي، اذا استقال تكتل «لبنان القوي» نؤكد بأن تكتل «الجمهورية القوية» سيستقيل أيضاً. فبالنسبة للقوات يجب بذل كل الجهود لتقصير الأزمة، هذا هو هدفنا وهذا هو مسعانا».