مع استمرار مهزلة العبث السياسي القائم بالبلد، وتمترس قوى التعطيل خلف تصلّبها ومنع تشكيل حكومة، ثمة إجماع داخلي وخارجي على انّ باب لبنان مشرّع على احتمالات كلّها في منتهى الصعوبة، على بلد فقد كل شيء، وأفلس من أي قدرة على الاستمرار. وها هي مؤسسات التصنيف المالي الدولي تسقطه اكثر فأكثر، وبعض هذه المؤسسات، في معرض توصيفها للمصيبة اللبنانية، تُنذر بأنّه على رغم الواقع الصعب والقاسي الذي يعيشه اللبنانيون في هذه الايام، فإنّهم لم يدخلوا في الأزمة بعد، فأزمة لبنان الحقيقية والفظيعة لم تبدأ بعد. معنى ذلك انّ على اللبنانيين ان يتحضّروا لأيام سوداء لا احد يعلم مدى عتمتها.
وسط هذه الصورة اللبنانية المتهالكة، تلوح من جديد، على ما تقول مصادر ديبلوماسية من باريس، «فرصة فرنسية» للقابضين على السلطة في لبنان، لحرف المسار اللبناني عن الاتجاه القاتل الذي يسلكه، والانتقال فوراً الى تفاهم على حكومة وفق المبادرة الفرنسية وتلبّي طموحات اللبنانيين ومطالب المجتمع الدولي لناحية إجراء الاصلاحات ومكافحة الفساد. هذا مع التأكيد على انّ هذه الفرصة هي الأخيرة في البرنامج الفرنسي الذي فُتح مع اطلاق المبادرة الفرنسية اواخر آب من العام الماضي، وعلى معطلي الحل في لبنان ان يختاروا بين ان يحيوا بلدهم وبين ان يدّمروه نهائياً عبر استمرار النهج المتّبع حالياً في تعقيد الحلول ومنع تأليف حكومة اصلاحات».
هذه الفرصة، وكما بات معلوماً متمثّلة بالزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى بيروت اعتباراً من يوم غد الاربعاء. وعشية وصوله، يطفو على سطح المشهد السياسي سؤال من شقين:
الشق الأول، هل انّ زيارة الوزير الفرنسي تمهّد فعلاً لإنزال لبنان عن اشجار التوترات التي «عربش» عليها القابضون على السلطة، وتقوده في الاتجاه الذي يتمكن فيه من التقاط انفاسه واعادة الانتظام لحياته السياسية وصياغة تسوية سياسية تفضي الى تشكيل حكومة طال انتظارها، يدخل معها البلد الى واحة الإنفراج؟
الشق الثاني، هل أنّ لودريان آتٍ والعصا معه ليلوّح فيها أمام الشياطين المعطّلة للمبادرة الفرنسية، فإن انصاعت كان خيرٌ، وإن لم ترتدع وترضخ، يعلن الوزير الفرنسي بإسم الدولة الفرنسية ورئيسها ايمانويل ماكرون إطفاء محركات المبادرة، ويقول للمعطّلين «من الآن فصاعداً، قلّعوا شوككم بأيديكم»؟.
البرنامج مفتوح
لا برنامج معلناً حتى الآن لزيارة لودريان، كما لا تحديد رسمياً لجدول لقاءاته التي سيجريها في بيروت، علماً انّ موعدين قد تمّ تثبيتهما للزائر الفرنسي، الأول مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والثاني مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وعلى ما تؤكّد مصادر ديبلوماسية من باريس لـ»الجمهورية»، انّ برنامج لقاءات وزير الخارجية لودريان مفتوح في لبنان وليس مقفلاً، وهناك جهود لأن يشمل الرئيس المكلّف سعد الحريري، من دون ان يتبلور تأكيد لذلك حتى الآن.
على انّ اللافت في ما تعكسه الاجواء الباريسية، هو عدم رفع مستوى التوقعات الإيجابية من هذه الزيارة، خصوصاً انّ الادارة الفرنسية لم تلمس من الجانب اللبناني تغييراً في النهج التعطيلي المُعتمد من اشهر طويلة، واستسلاماً من قِبل بعض القادة في لبنان لإرادة اللبنانيين بالتغيير والانتقال الى زمن اصلاحي لا سبيل سواه لإنقاذ لبنان.
وبحسب هذه الاجواء، فإنّ زيارة لودريان، تأتي من خلفيّة فرنسيّة غاضبة من تعطيل المبادرة الفرنسية، وبمعنى أدق، فرنسا مذهولة من أداء بعض القادة في لبنان ومجافاتهم لمصالح اللبنانيين، ومقارباتهم التعطيلية وغير المبررة لكل الحلول، وفي مقدّمها المبادرة الفرنسية. وزوار الايليزيه يلمسون ذلك من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
يُضاف الى ذلك، انّ هذا الغضب الفرنسي عبّر عنه لودريان نفسه قبل ايام قليلة، حينما تحدث عن انّ باريس انتقلت الى ما سمّاه «خطاً جديداً في مقاربة الأزمة اللبنانيّة». وكشف علناً عن عقوبات على معطّلي تشكيل الحكومة في لبنان، من دون ان يحدّد طبيعة هذه العقوبات، وكذلك من دون ان يحدّد المعطِّلين المستهدَفين بهذه العقوبات. علماً انّ مستويات سياسية وغير سياسية تتداول معلومات غير مؤكّدة، عن انّ العقوبات الفرنسية مركّزة تحديداً على «التيار الوطني الحر» ورئيسه جبران باسيل وبعض المستشارين في القصر الجمهوري. ومن دون أن تستبعد هذه المعلومات، غير المؤكّدة ايضاً، شمول العقوبات الفرنسية مقرّبين من الرئيس المكلّف سعد الحريري.
وإذ قلّلت المصادر الديبلوماسية في باريس من فرضية نعي المبادرة الفرنسية في حال اصطدم لودريان بحائط التعطيل من جديد في لبنان، اكّدت انّ الرئيس ايمانويل ماكرون اعلن في زيارته الاولى الى لبنان على إثر انفجار مرفأ بيروت انّ فرنسا لن تتخلّى عن الشعب اللبناني، والمبادرة الفرنسية قدّمها الرئيس ماكرون كفرصة لإنقاذ لبنان والشعب اللبناني، وبالتالي هي لن تستسلم للمعطلين، ولن تتسامح معهم.
ليس سائحاً
الى ذلك، قالت مصادر سياسية مسؤولة لـ»الجمهورية»، انّ زيارة لودريان احدى ابرز المحطات الفرنسية في لبنان، فهي تأتي في توقيت سقط فيه لبنان الى القعر وانحدر حاله من سيئ الى اسوأ. ولودريان نفسه قال انّ لبنان سفينة تايتانيك تغرق بلا موسيقى. كما انّها تأتي على تراكم من الإخفاقات السابقة، سواء حول المبادرة الفرنسية او حول تشكيل حكومة وفق مندرجاتها. وبالتالي، فإنّ الغاية الاساس منها هو التأكيد انّ كيل فرنسا قد طفح بالكامل، وكبح مسار الإخفاقات هذا والدفع بالمبادرة الفرنسية الى الامام بوصفها قاطرة الحل للبنان.
ومن هنا، تضيف المصادر، فإنّ لودريان لا يأتي الى لبنان كسائح للاستجمام في ربوع بلد قلق وملوث بيئياً وسياسياً، بل هو آتٍ في محاولة فرنسية جديدة لسوق اللبنانيين الى الحل وتشكيل حكومة. الّا انّ الخشية التي تبرز في هذا الجانب تكمن في انّ الفشل إن تكرّر هذه المرة، قد يجعل هذه المحاولة أخيرة لا تتكرّر في المستقبل. علماً انّ التجربة من التعطيلات المتتالية للحلول منذ آب الماضي، وهروب القوى السياسية في لبنان من مسؤولياتهم حيال بلدهم، باتا يحتمان سلوك سبيل وحيد، وهو ان يُساق المعطلون بالعصا ويُفرض عليهم الحل رغماً عنهم.
واشنطن مؤيّدة
الى ذلك، قالت مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية»، انّ الحضور الفرنسي المتجدّد في لبنان عبر زيارة وزير الخارجية لودريان، ليس معزولاً عن رغبة المجتمع الدولي ببلوغ حلّ للمعضلة اللبنانية، كما ليس معزولاً عن الموقف الاميركي الذي يتقاطع مع الموقف الفرنسي في الحديث عن حكومة سريعاً في لبنان، بمهمة اصلاحية عنوانها الأساس مكافحة الفساد.
وتؤكّد المصادر، انّ لبنان اصبح في المنطقة الحرجة جداً، وكل ما فيه ينذر بتفكك وانهيار، ما لم يُصر الى إعادة الامساك به، بحلول صادقة وجادة وجذرية. والعلامة الجيدة التي ما زالت محقّقة للبنان، وتتمثل في أنّ لبنان ما زال يجد اصدقاء له يقفون الى جانبه ويهتمون في مساعدته على الخروج من أزمته، ولكن الاهم هو أن يتجاوب اللبنانيون مع جهود ومساعي اصدقاء لبنان ويساعدوا بلدهم.
ولفتت المصادر الديبلوماسية الانتباه، الى انّ الكرة هذه المرة في ايدي اللبنانيين اكثر من اي وقت سابق، لبلورة حلول سريعة في هذه المرحلة تحديداً، وخصوصاً انّ المنطقة تشهد تطورات متسارعة، تمهّد لمتغيّرات على اكثر من ساحة. فصورة المشهد الاميركي- الإيراني تنضح بإيجابيات تتوالى في الملف النووي الايراني، والمشهد الايراني- السعودي ينتقل من الصدام الى التلاقي والحوار، وكذلك الامر بالنسبة الى المشهد الخليجي- السوري الذي ينحى خارج السياق الصدامي، إضافة الى الاستحقاقات الانتخابية، بدءًا من الانتخابات الرئاسية في سوريا وكذلك الانتخابات الرئاسية في ايران. فأمام هذه الصورة لا بدّ للبنان ان يلحق بهذه التطورات.
جمود سلبي
وعشية وصول لودريان، لم يسجّل الخط الحكومي اي اتصالات داخلية في اي اتجاه، حيث بقي الجمود السلبي هو السيّد. فيما كشفت مصادر مسؤولة لـ»الجمهورية»، عن انّ جهداً يتحرّك حول ملف التأليف، يُنتظر ان يتبلور في وقت قريب، لكن لا يمكن الحديث عن ايجابيات حتى الآن.
وفيما ابلغت مصادر قريبة من الرئيس المكلّف الى «الجمهورية» قولها، بأنّ لا جديد على خط الاتصالات، كما لا يوجد اي جديد في ما خصّ الموقف المعروف للرئيس المكلّف من تشكيل الحكومة والمسلّمات التي حدّدها ولا يتراجع عنها»، قال مقرّبون من القصر الجمهوري لـ»الجمهورية»، انّ رئيس الجمهورية ما زال ينتظر الرئيس المكلّف لكي يبادر الى تقديم مسودة للحكومة وفق الدستور وتراعي الاصول والمعايير.
«امل»: المبادرة الفرنسية
وقد استبقت حركة «امل» وصول لودريان بالدعوة عبر بيان لمكتبها السياسي إلى «ضرورة التقاط فرصة التمسّك بالمبادرة الفرنسية وحضور وزير خارجية فرنسا إلى بيروت للدفع بها، باعتبارها الخيار الإنقاذي الوحيد المُتاح، والذي بحال الاستمرار بتعطيله، يُعرّض المزيد من مصالح لبنان وعلاقاته وسمعته الدولية إلى مخاطر جمّة.
واكّدت «أنّ الوقت يضيق أمام أصحاب المناورات، وطرح الشروط واستيلاد العوائق والعراقيل، وأنّ هذا الحراك المستجد يعطي زخماً للمبادرة من أجل الدخول العملي في آلياتها وبنودها، وأوّلها تشكيل حكومة مرتكزة على تشكيلة من الإختصاصيين غير الحزبيين لا حسابات معطّلة فيها، مهمتها إطلاق ورشة الإصلاح المالي والاقتصادي.
وإذ استعجلت اجراء الانتخابات الفرعية، اعلنت انّه في ظلّ التردّي المُتمادي للأوضاع الإقتصادية والاجتماعية للمواطنين، تشدّد على وجوب الاسراع في التحضيرات اللازمة لإقرار وإرسال مشروع البطاقة التمويلية وتوسيع الاستفادة منها لتطال أوسع شريحة من العائلات التي أصبحت تحت ضغط هائل نتيجة غياب سياسات الحماية الاجتماعية.
المهزلة مستمرة
الى ذلك، مهزلة العبث مستمرة بلا اي رادع، من جهة، قوى تعطيل اثبتت بجدارة انّها هي العبء على البلد، مهما حاولت ان تجمّل نفسها بأقنعة زائفة ومساحيق سياسية او شعبية، قرّرت ان تبقى كما هي «عاطلة» من المسؤولية.. واما من جهة ثانية، فحكومة تصريف اعمال تتخبط في عشوائيتها وإرباكها على حلبة رفع الدعم والبطاقة التمويلية (التي تخضع لاجتماع موسع حولها في السرايا الحكومية اليوم)، وتهطل على اللبنانيين بكلام فارغ عن جهود تُبذل وافكار تُناقش لبلورة حلول ومخارج، فيما هي كانت عاجزة عن ذلك، حينما كانت حكومة بكامل مواصفاتها وصلاحياتها، فكيف وهي في حالتها الراهنة، لا تملك حتى ورقة التوت لتستر فيها عوراتها.
مهزلة دياب
وآخر مظاهر مهزلة العبث، هو تصويب رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، في مقابلة مع «الحرة» امس، على ما تبقّى من اموال المودعين في ما يسمّى الاحتياط الالزامي، الذي يصرّ دياب على الإنفاق منه، لا بل على السطو على آخر ما تبقّى من أموال للبنانيين.
وعلمت «الجمهورية»، انّ ما قاله كان صادماً للمودعين، وجاء بمنطق تدميري للبنان، وخصوصاً لناحية هذا الاستخفاف بهم وبحقوقهم المهدورة واموالهم المسروقة والتعامل مع ودائعهم وكأنّها مالاً سائباً ومباحاً، لكل من اراد ان يستر فشلاً او عجزاً وسياسات قاصرة.
وتحدثت معلومات، عن انّ جهات حقوقية بدأت الإعداد لرفع دعوى قضائية، ليس في لبنان بل امام المحاكم الدولية، ضدّ كل من يشرّع سرقة أموال المودعين تحت اي ذريعة او عنوان.
وكان دياب قد سُئل في المقابلة مع «الحرة» حول استعمال احتياطي مصرف لبنان لتمويل البطاقة التمويلية، فقال انّ «على مصرف لبنان المساهمة في البطاقة التمويلية عبر الاحتياطي الإلزامي، في حال لم يأت تمويل من الخارج، لأنّ لا بديل لتمويل البطاقة سوى مصرف لبنان».
وعن رفض حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المسّ بالاحتياطي الالزامي، قال دياب: «في العام 2002، انخفض الاحتياطي الالزامي الى أقل من مليار دولار، فكيف كان الأمر ممكنًا في ذلك الوقت، واليوم في ظل الزلزال السياسي والمالي والاقتصادي والتسونامي الاجتماعي لا يمكن النزول إلى اقل من 15 مليار دولار.. إنّ النزول هو أمر ضروري بهدف مساعدة المجتمع اللبناني في هذه المرحلة».
جعجع
الى ذلك، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع: «نسمع همساً حول نية بعض المسؤولين في الدولة استخدام الاحتياطي الإلزامي المتبقي في المصرف المركزي، والذي يمثِّل ما تبقّى من ودائع الناس، ولا علاقة للدولة به من قريب أو من بعيد، بل هو في صلب الملكية الخاصة التي تحميها المادة 15 من دستورنا».
اضاف: «ليس من حق اي مسؤول في الدولة مهما علا شأنه، أكان رئيساً للجمهورية، أم رئيساً للحكومة، أم وزيراً للمالية، أم حاكماً للمصرف المركزي، أن يفكِّر مجرد تفكير باستعمال ما تبقّى من مقتنيات ومدخرات المواطنين. وأي محاولة للمسّ بالاحتياطي الإلزامي ستعرِّض مرتكبيها مهما علا شأنهم للملاحقة الجزائية الحقة. وإذا افترض بعض هؤلاء انّه بإمكانهم التلاعب ببعض المرجعيات القضائية في الوقت الحاضر، فهذا الواقع لن يستمر، وسيكون للبنان إما عاجلاً أم آجلاً سلطات قضائية حقة تلاحق من تسوِّل له نفسه بمد اليد إلى ما تبقّى من مقتنيات الناس».
الترسيم
يُنتظر ان تُستأنف اليوم مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل برعاية الامم والمتحدة وحضور الولايات المتحدة الاميركية كوسيط.
على انّ هذه الجولة من المحادثات، التي تأتي بعد تجميد للمفاوضات لعدة اشهر، تُعقد بدفع اميركي مباشر وخصوصاً بعد الالتباسات التي شابت هذه المسألة والتباين بين لبنان واسرائيل حول بعض النقاط الحدودية.
وذكرت مصادر معنية بالمفاوضات، انّها لا تتوقع نتائج سريعة، خصوصاً انّ استئناف المفاوضات سينطلق من نقطة الخلاف المستجدة بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي.
وفي المعلومات، فإنّ جلسة التفاوض ستعقد عند التاسعة والنصف قبل ظهر اليوم في مقر قيادة القوات الدولية في الناقورة، وبتسهيلات من الوفد الاميركي برئاسة السفير جون دوروشيه، الذي وصل امس الى بيروت ومعه فريقه التقني والاداري، وينتقل اليوم الى مقر القوات الدولية في الناقورة.
الدعوة الاميركية ليومين
وعلمت «الجمهورية»، انّ الدعوة الاميركية الى جلسة اليوم تحدثت عن برنامج لقاءات يمتد ليومين، اليوم وغداً، من دون ان يقدّم اية تفاصيل اضافية. وبات واضحاً حسب مصادر واكبت اتصالات الساعات الاخيرة، انّ الجلسة الخامسة التي حُدّدت اليوم ستشكّل تتمة للجلسات الاربع السابقة، والتي كانت مقرّرة في الثاني من كانون الاول الماضي، وهي ستنطلق بمفهوم الوفد اللبناني من حيث انتهت الجلسة الرابعة الاخيرة، اي بإصرار منه على الخط الذي اقترحه، وبات يُعرف بالخط المؤدي الى النقطة 29، فيما لم يُفهم بعد ما سيكون عليه الموقف الاميركي والاسرائيلي، فأي منهما لم يبلّغ لبنان بالدوافع التي اعادتهما الى طاولة المفاوضات بانتظار جلسة اليوم.
وفي معلومات «الجمهورية»، انّ الموفد الاميركي، وحتى ليل امس، لم يبلّغ الجانب اللبناني سوى بالرغبة في استئناف المفاوضات بموافقة اسرائيلية من دون اي شروط مسبقة، بانتظار ما سينقلانه اليوم الى الوفد اللبناني، الذي عقد العزم على الاحتفاظ بما طرحه في الجلسة الاخيرة حول الخط 29، بما استفز الجانبين الاميركي والاسرائيلي، اللذين علّقا المفاوضات بانتظار اي تغيير محتمل لا يبدو انّه قد حصل بانتظار ما يحمله معه الوسيط الاميركي اليوم.
عون يجدّد توجيهاته
وكان رئيس الجمهورية قد رئس امس اجتماعاً في قصر بعبدا، في حضور قائد الجيش العماد جوزف عون، واعضاء الفريق اللبناني الى المفاوضات.
وفي المعلومات الرسمية، انّه تمّ خلال الاجتماع عرض التطورات التي حصلت منذ توقف الاجتماعات في كانون الاول الماضي، والمستجدات حول الاتصالات التي أُجريت لاستئنافها. وقد زوّد الرئيس عون أعضاء الوفد المفاوض بتوجيهاته، مشدّداً على أهمية تصحيح الحدود البحرية وفقاً للقوانين والانظمة الدولية، وكذلك على حق لبنان في استثمار ثرواته الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة.
ولفت الرئيس عون، الى انّ تجاوب لبنان مع استئناف المفاوضات غير المباشرة برعاية الولايات المتحدة الاميركية واستضافة الامم المتحدة، يعكس رغبته في ان تسفر عن نتائج ايجابية من شأنها الاستمرار في حفظ الاستقرار والامان في المنطقة الجنوبية.
وفي معلومات «الجمهورية»، انّ اللقاء الذي دام حوالى نصف ساعة، تخلّله استعراض للمواقف الاميركية والاسرائيلية المحتملة، والسيناريوهات المتوقعة لإصرار لبنان على الخط الاخير بما هو متوفر من قدرة على تفسيره على خلفية التمسّك بالحدّ الاقصى من حقوق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة، قبل الدخول في اي مفاوضات تنتهي الى تفاهم على الخط النهائي
وعليه، لم تحسم المصادر التي تابعت المفاوضات الاخيرة في حديثها الى «الجمهورية» ما إذا كان الوفد الاسرائيلي سيحمل معه اليوم ما بات يُعرف بالخط 310 الذي هدّد به اعلامياً قبيل الجلسة الثانية من المفاوضات ولم ينقله مرة اليها بعد.
وفي المعلومات ايضاً، انّ لبنان لم يُسقط نهائياً من حساباته العودة الى تعديل المرسوم 6433 للتأكيد على الخط الجديد، ان اعاد الاسرائيليون ربط المفاوضات بعدم البحث بخط لبنان، فهو سيشكّل في لحظة من اللحظات الورقة البديلة لإعادة الاسرائيليين الى طاولة المفاوضات، بسبب القدرة على تعطيل اعمال الحفر والاستثمار لاستخراج ثرواتهم في الحقول القريبة التي يضربها الخط الجديد وخصوصاً في الحقل كاريش».
الاعلان الاسرائيلي عن المفاوضات
من جهتها، وفي ظلّ تعتيم اسرائيلي، ما خلا الحديث عن الخط الذي تهدّد به من دون اي مقومات قانونية او علمية، أعلنت الحكومة الإسرائيلية مساء امس عن استئناف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع لبنان الثلاثاء (اليوم) في قاعدة «اليونيفيل» في الناقورة، بحسب ما أفادت «سكاي نيوز».
وأشارت الحكومة الإسرائيلية إلى أنّ المفاوضات تبحث إمكانية التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع لبنان.