يبدو أنّ ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت بدأ يأخذ منحى تصعيدياً نتيجة التجاذبات داخل البيت القضائي الواحد حول إدارة المحقق العدلي القاضي فادي صوان التحقيقات الجارية في ضوء طَلب الوزيرين علي حسن خليل وغازي زعيتر نقل الدعوى من يده «للارتياب المشروع». وتكشف مصادر محكمة التمييز انّ طلب نقل الدعوى لن يُبتّ به بالسرعة التي يُحكى عنها، بسبب مخالفة صوان قانون أصول المحاكمات الجزائية، كَون محكمة التمييز لم تتخذ في الوقت الحاضر قراراً بوقف التحقيق.
علمت «الجمهورية» أنّ رد النيابة العامة التمييزية على طلب نقل الدعوى باستبدال القاضي «للارتياب المشروع» سيكون قانونياً بَحتاً لِجهة اتّباع القاضي صوان الاصول القانونية في إدارة مجريات التحقيق من دون البحث في فرضية «الارتياب» بانحياز صوّان الى فريق سياسي أو لآخر، فيما موقف نقابة المحامين سيكون ضد قانون حصانة المحامين الذي يتمسّك المحامون به أمام القضاء، ولن يعتبر انّ هناك مخالفة دستورية في دعوى النواب الى التحقيق.
وتقول مصادر قضائية لـ»الجمهورية» انّ ما يُثار في الاعلام حول نية صوّان معاودة السير في التحقيق بعد توقّفه عنه انتظاراً لانقضاء مدة الـ10 أيام، هو واقع لا يتوافَق ولا يستقيم مع قانون أصول التحقيقات الجزائية. وتلفت هذه المصادر الى أنّ صوان توقف عن التحقيق من دون سند قانوني لأنّ المادة 340 من قانون أصول المحاكمات الجزائية أشارت الى انّ طلب محكمة التمييز نقل الدعوى من قاض الى آخر أمر لا يوقِف السير في التحقيقات. وترى تلك المصادر أنّ صوان ارتأى التوقف عن التحقيق نتيجة أمور غير مفهومة، إذ انّ المادة 340 لا تُجيز له التوقّف الّا اذا قررت المحكمة إيقافه عن السير في التحقيقات وأبلغت إليه قرار نقل الدعوى الى قاض آخر، في وقت لم تفعل المحكمة ذلك.
وتكشف أوساط قضائية انّ قرار صوان جاء بناء على نصيحة شخصية قضائية نافذة، مُنذِرة أنّ دعوى انفجار المرفأ تكون بذلك قد دخلت في دهاليز مُغالطات قانونية ستؤدي الى الاطاحة بالدعوى أو بصوّان.
ومن جهة أخرى، سألت الاوساط نفسها: «على أيّ اساس أو سند قانوني سيستعيد صوان تحقيقاته بعد قراره التوقّف عنها بلا سند قانوني أيضاً؟!».
وتشير المصادر القضائية الى انّ المادة 340 من اصول المحاكمات الجزائية تقضي بوجوب إبلاغ جميع الخصوم في الدعوى طلب نقل الدعوى، بمَن فيهم النيابة العامة التمييزية، إضافة الى الموقوفين، الوزراء والعشرات الذين تقدّموا بادّعاءات شخصية.
لكن في الوقائع تبلّغ رئيس الحكومة والنيابة العامة التمييزية والوزير فنيانوس حتى الساعة، ولم يتم إبلاغ الآخرين أو ربما تبلّغ بعضهم.
امّا بالنسبة الى مهلة الـ10 أيام، فاوضحت المصادر القضائية انها تَسري من تاريخ تبليغ جميع من تَمّ ذِكرهم ويُطلق عليهم اسم «الخصوم في الدعوى»، ولا تَسري من تاريخ تقديم نقل الدعوى إلّا بعد التأكد من إبلاغهم جميعاً، لتبدأ بعدها مهلة الـ10 أيام قبل أن تفصل المحكمة التمييزية في الدعوى المقدمة، أي البَت بنقلها أو بعدمه. وتعتبر المصادر انّ صّوان بذلك يُخالف مجدداً قانون اصول المحاكمات الجزائية بحيث لا يجوز له في الاساس التوقّف عن السير في التحقيق، لأنّ طلب نقل الدعوى يأخذ مدة طويلة وخصوصاً في دعوى شبيهة بدعوى انفجار المرفأ التي تضمّ مئات الخصوم، والتي لا يمكن إنهاؤها بفتره وجيزة وقد تستغرق أشهراً، ومن بعدها تسري مدة الـ10 ايام، فيما لم يحقّ لصوان التوقف عن التحقيق كما لا يحقّ له ايضاً اليوم العودة الى السير في التحقيقات بعد 10 ايام لأنها في الأساس لم تبدأ بعد. فالخصوم لم يتبلّغوا حتى الساعة، ولذلك لا يحق للمحكمة البَت في طلب نقل الدعوى، وهذا ما ستفعله.
ويكشف مصدر في محكمة التمييز انها غير مُلزمة بالإسراع في اتخاذ اي إجراء مخالِف لأصول المحاكمات الجزائية بحسب الماده 340، لأنّ المحكمة في الاساس لم توقِف صوّان عن التحقيق بل هو توقّف من تِلقاء نفسه، الأمر الذي خلقَ نقمةً داخل الجسم القضائي، بحيث يعتبر هؤلاء انّ تَصرّفه «شَربَكَ التحقيق» بعدما خالفَ في البدء الدستور بتخَطّي حصانة النواب، وخالفَ القانون بخَرق حصانة المحامين، وهو اليوم يخالف قانون أصول المحاكمات من خلال توقّفه عن التحقيق.
وعلمت «الجمهورية» انّ ملف الدعوى المطلوب نقلها لم يرسل بعد الى محكمة التمييز بناء لطلبها، وهذا الأمر سيكون موضع مخالفات قانونية أخرى في حال لم يرفع المحقق العدلي الملف إليها، وسيستتبع ذلك عراقيل أخرى.