المانيا ميركل والإستقرار العالمي
بروفسور غريتا صعب
Friday, 29-Sep-2017 00:13
لم يكن من المستغرب حسب استطلاعات الرأي والاحصاءات ان يعاد انتخاب انجيلا ميركل مستشارة لالمانيا لولاية رابعة لكن النتائج لم تأت بأكثرية كبيرة. لذلك، ولو ان نتائج الانتخابات جاءت مؤكدة، الا انه يبقى ان الاختبار الحقيقي لم يأت بعد سيما وان النتائج ستكون لها عواقب على الاتحاد الاوروبي.
تشكّل انتخابات البوندستاغ الجديدة حدثًا بالغ الاهمية في مواجهة دونالد ترامب وعدائيته لسياسات ميركل بشكل خاص واوروبا بشكل عام، سيما من ناحية الفائض التجاري وسعر صرف العملة (في اوائل شباط الماضي اعلنت المانيا فائضًا تجاريًا قياسيًا جديدًا بلغ ٢٨١ مليار دولار مقابل ٢١٠ مليار دولار بالنسبة للصين).
وقد اتهم ترامب المانيا بأنها تستغل اوروبا بغية ضمان القدرة التنافسية للصادرات الالمانية. هكذا تكون الانتخابات الالمانية ونتائجها كافية لمواجهة الضغوط الاميركية.
والواضح ان المانيا هي مفتاح لاوروبا ومستقبل الكتلة في يدها ونتائج الانتخابات مهمة جدًا سيما وان ميركل بقيت، وهذا يعني ايضًا ان شوبل وزير المالية الحالي لم يزل في مكانه مما يعني نفس الشيء بالنسبة لاوروبا (التقشف الذي وحسب منتقدي شوبل يعوق نمو منطقة اليورو ويقوّض فرص العمل فيها).
يجسّد شوبل الانضباط المالي واستقراره ولكن وعلى ما يبدو ذهب بعيداً في سياسته التقشفية هذه. والسؤال الذي يطرح نفسه ما اذا كان هذا الفوز المتواضع يعني فيما يعني انها سوف تضطر للتخلي عن شوبل كوزير ماليتها.
والامور لا تزال غير واضحة سيما وانها تفتقد الى الاغلبية الشاملة مما يدفعها الى مواصلة التحالف مع SPD الديمقراطي الاشتراكي، اضف الى ذلك امور عدة جعلت من نتائج الانتخابات تأتي على هذا النحو خصوصا إن ميركل ضعيفة تجاه سياسة «الباب المفتوح» والتي سمحت بدخول مليون لاجئ فروا من الحرب وغيرهم من المهاجرين منذ العام ٢٠١٥. اما الاستياء من هذه السياسة فقابلته ظروف اقتصادية جيدة مع نمو متزايد وبطالة متدنية.
ويزيد الامور تفاؤلًا ان المانيا حاليًا تتمتع بفائض تجاري كبير في الميزانية. وحسب ميركل فان احداث ٢٠١٥ و٢٠١٦ لن تتكرّر بيد انه يجب ان نتعاطى مع الامور بقلب مفتوح لمن هم في حالة سيئة جدًا.
ولكن احداث السنة الماضية سمحت لميركل باثبات انها اقوى زعيم لالمانيا ولاوروبا معًا وقد تكون للعالم الحر بأسره... وما يساعد ميركل حاليًا ان منافسها الرئيسي شولتز لم يستطع الهام الناجين وبرنامجه للحد من عدم المساواة في الدخل والاصلاح وبرامج الرفاه الاجتماعي لم يكن له اي صدى في بلد يتمتع بمستوى اقتصادي جيد مقارنة باوروبا وبالعالم اجمع.
لكن يبقى ان هنالك تحديات كبرى ستتضمّن شروطًا قاسية على التفاوض لخروج بريطانيا في الاتحاد الاوروبي وتجنّب ازمة مالية اوروبية اخرى واستعادة الثقة في الصناعات الالمانية بعد الفضائح في صناعة السيارات (عام ٢٠١٥ وحادث ڤولسڤكن والأنبعاثات)- وحسب ميركل الكثير من الثقة قد دمرت ويجب بذل كل ما في وسعنا لاستعادة المصداقية والثقة في الصناعة الالمانية). والتصدي لهذه التحديات امر حاسم لميركل.
والامر الاكيد في اعادة انتخاب ميركل انها كانت ثورة ضد ترامب اكثر منها ضد المهاجرين وفقط ١١ بالمائة من الالمان يعتبرون الرئيس الاميركي جدير بالثقة وفقًا لاخر مسح اجراه مركز «بيو للابحاث». وميركل كانت شديدة اللهجة تجاه ترامب وانتقدت سياسته في عدة مناسبات ودعت الاوروبيين الى اخذ مصيرهم بأيديهم لأنه لم يعد لديهم الشريك الاميركي الذي يمكن الاعتماد عليه.
واذا جاءت عدائية ترامب في مصلحة ميركل يبقى القول ان شوبل قد يدفع ثمن خيارات التحالفات مما يعني تقشفا اقل وانعكاسات عميقة بالنسبة للاتحاد الاوروبي وللسياسات النقدية داخل اوروبا ولليورو والمصارف المتعثرة بشكل عام.
هذا في المطلق لكن وعلى ما يبدو الامور ليست بهذه السهولة والبرهان على ذلك ان مشاكل اوروبا لا يمكن حلها بسياسات متساهلة كما يريدها البعض والبرهان قد يكون موجودا في اواخر كتاب Yannis Varoufakis عندما كتب عن Shauble وسياساته وانتقاده له.
وقد اعترف Shauble بأن هذه السياسة قد تكون قاسية بعض الشيء.
واخيرًا والاهم ما هي وضعية اليورو في الظروف الحالية وتراجعه بنسب 0.3 بالمئة امام العملة الاميركية. وحسب Kitjucks وهو استراتيجي في السوسيته جنرال ان الفترة القادمة قد تشهد بيعا متواضع لليورو. واشار الى المشاكل التي تواجه اوروبا على انها سياسية واوسع نطاقًا.
ويعتبر فوز ميركل في الولايات المتحدة خيبة امل لترامب وانصاره وبهجة لمنتقديه. وتبقى ميركل الصوت النسائي الاقوى في العالم سيما عندما ارادت بريطانيا مغادرة الاتحاد الاوروبي وعندما انتقد ترامب الـ NATO كانت ميركل المدافع الوحيد عن اوروبا وسياسة الدفاع المشترك. ولم يوجد اي حليف لأميركا وقف في وجهها بمثل الطريقة التي وقفت فيها ميركل مشددة ضمنيًا على عدم ثقتها بترامب وسياساته الخارجية.
وفازت عالميًا عندما قادت الجهود الرامية الى توفير اللجوء في اوروبا للمهاجرين والنازحين الامر الذي جعلها تتمتّع بدور بارز في المانيا والولايات المتحدة والعالم اجمع.
لذلك الانتخابات الاخيرة مهمة سيما وانه وتحت قيادتها برزت المانيا مع اقتصاد مزدهر ونمو واضح وفائض تجاري كبير مما يعني شعورا بالدفء من قبل المستثمرين في انحاء العالم لهذه النتائج، وهذا يعني ايضًا ان المانيا يمكن ان تساعد على ضمان صحة الاقتصاد العالمي وتجنّب انهيار مالي آخر، الامر الذي يساعد الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم.
اذا كانت سياسات Shauble غير محبوبة من قبل بعض دول الاتحاد الا انها أظهرت لغاية الآن انها السبيل الوحيد لحماية مصارف اوروبا ودولها من اي «دومينو» ينعكس سلبًا على اوروبا واليورو والعالم بشكل عام.
وقد اتهم ترامب المانيا بأنها تستغل اوروبا بغية ضمان القدرة التنافسية للصادرات الالمانية. هكذا تكون الانتخابات الالمانية ونتائجها كافية لمواجهة الضغوط الاميركية.
والواضح ان المانيا هي مفتاح لاوروبا ومستقبل الكتلة في يدها ونتائج الانتخابات مهمة جدًا سيما وان ميركل بقيت، وهذا يعني ايضًا ان شوبل وزير المالية الحالي لم يزل في مكانه مما يعني نفس الشيء بالنسبة لاوروبا (التقشف الذي وحسب منتقدي شوبل يعوق نمو منطقة اليورو ويقوّض فرص العمل فيها).
يجسّد شوبل الانضباط المالي واستقراره ولكن وعلى ما يبدو ذهب بعيداً في سياسته التقشفية هذه. والسؤال الذي يطرح نفسه ما اذا كان هذا الفوز المتواضع يعني فيما يعني انها سوف تضطر للتخلي عن شوبل كوزير ماليتها.
والامور لا تزال غير واضحة سيما وانها تفتقد الى الاغلبية الشاملة مما يدفعها الى مواصلة التحالف مع SPD الديمقراطي الاشتراكي، اضف الى ذلك امور عدة جعلت من نتائج الانتخابات تأتي على هذا النحو خصوصا إن ميركل ضعيفة تجاه سياسة «الباب المفتوح» والتي سمحت بدخول مليون لاجئ فروا من الحرب وغيرهم من المهاجرين منذ العام ٢٠١٥. اما الاستياء من هذه السياسة فقابلته ظروف اقتصادية جيدة مع نمو متزايد وبطالة متدنية.
ويزيد الامور تفاؤلًا ان المانيا حاليًا تتمتع بفائض تجاري كبير في الميزانية. وحسب ميركل فان احداث ٢٠١٥ و٢٠١٦ لن تتكرّر بيد انه يجب ان نتعاطى مع الامور بقلب مفتوح لمن هم في حالة سيئة جدًا.
ولكن احداث السنة الماضية سمحت لميركل باثبات انها اقوى زعيم لالمانيا ولاوروبا معًا وقد تكون للعالم الحر بأسره... وما يساعد ميركل حاليًا ان منافسها الرئيسي شولتز لم يستطع الهام الناجين وبرنامجه للحد من عدم المساواة في الدخل والاصلاح وبرامج الرفاه الاجتماعي لم يكن له اي صدى في بلد يتمتع بمستوى اقتصادي جيد مقارنة باوروبا وبالعالم اجمع.
لكن يبقى ان هنالك تحديات كبرى ستتضمّن شروطًا قاسية على التفاوض لخروج بريطانيا في الاتحاد الاوروبي وتجنّب ازمة مالية اوروبية اخرى واستعادة الثقة في الصناعات الالمانية بعد الفضائح في صناعة السيارات (عام ٢٠١٥ وحادث ڤولسڤكن والأنبعاثات)- وحسب ميركل الكثير من الثقة قد دمرت ويجب بذل كل ما في وسعنا لاستعادة المصداقية والثقة في الصناعة الالمانية). والتصدي لهذه التحديات امر حاسم لميركل.
والامر الاكيد في اعادة انتخاب ميركل انها كانت ثورة ضد ترامب اكثر منها ضد المهاجرين وفقط ١١ بالمائة من الالمان يعتبرون الرئيس الاميركي جدير بالثقة وفقًا لاخر مسح اجراه مركز «بيو للابحاث». وميركل كانت شديدة اللهجة تجاه ترامب وانتقدت سياسته في عدة مناسبات ودعت الاوروبيين الى اخذ مصيرهم بأيديهم لأنه لم يعد لديهم الشريك الاميركي الذي يمكن الاعتماد عليه.
واذا جاءت عدائية ترامب في مصلحة ميركل يبقى القول ان شوبل قد يدفع ثمن خيارات التحالفات مما يعني تقشفا اقل وانعكاسات عميقة بالنسبة للاتحاد الاوروبي وللسياسات النقدية داخل اوروبا ولليورو والمصارف المتعثرة بشكل عام.
هذا في المطلق لكن وعلى ما يبدو الامور ليست بهذه السهولة والبرهان على ذلك ان مشاكل اوروبا لا يمكن حلها بسياسات متساهلة كما يريدها البعض والبرهان قد يكون موجودا في اواخر كتاب Yannis Varoufakis عندما كتب عن Shauble وسياساته وانتقاده له.
وقد اعترف Shauble بأن هذه السياسة قد تكون قاسية بعض الشيء.
واخيرًا والاهم ما هي وضعية اليورو في الظروف الحالية وتراجعه بنسب 0.3 بالمئة امام العملة الاميركية. وحسب Kitjucks وهو استراتيجي في السوسيته جنرال ان الفترة القادمة قد تشهد بيعا متواضع لليورو. واشار الى المشاكل التي تواجه اوروبا على انها سياسية واوسع نطاقًا.
ويعتبر فوز ميركل في الولايات المتحدة خيبة امل لترامب وانصاره وبهجة لمنتقديه. وتبقى ميركل الصوت النسائي الاقوى في العالم سيما عندما ارادت بريطانيا مغادرة الاتحاد الاوروبي وعندما انتقد ترامب الـ NATO كانت ميركل المدافع الوحيد عن اوروبا وسياسة الدفاع المشترك. ولم يوجد اي حليف لأميركا وقف في وجهها بمثل الطريقة التي وقفت فيها ميركل مشددة ضمنيًا على عدم ثقتها بترامب وسياساته الخارجية.
وفازت عالميًا عندما قادت الجهود الرامية الى توفير اللجوء في اوروبا للمهاجرين والنازحين الامر الذي جعلها تتمتّع بدور بارز في المانيا والولايات المتحدة والعالم اجمع.
لذلك الانتخابات الاخيرة مهمة سيما وانه وتحت قيادتها برزت المانيا مع اقتصاد مزدهر ونمو واضح وفائض تجاري كبير مما يعني شعورا بالدفء من قبل المستثمرين في انحاء العالم لهذه النتائج، وهذا يعني ايضًا ان المانيا يمكن ان تساعد على ضمان صحة الاقتصاد العالمي وتجنّب انهيار مالي آخر، الامر الذي يساعد الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم.
اذا كانت سياسات Shauble غير محبوبة من قبل بعض دول الاتحاد الا انها أظهرت لغاية الآن انها السبيل الوحيد لحماية مصارف اوروبا ودولها من اي «دومينو» ينعكس سلبًا على اوروبا واليورو والعالم بشكل عام.
الأكثر قراءة