على وقع قرع طبول الحرب، واستعدادات الأحزاب الحليفة والصديقة لحزب الله اغاثيًا لجهة استقبال واحتضان النازحين، وعلى وقع اجتماعات التنسيق في المناطق، برز أمر مستغرب حدوثه في هكذا ظروف، وهو بدء عدد من حلفاء حزب الله بالتحضير للانتخابات النيابية المقبلة، في السياسة وكذلك على الأرض.
تفيد المعلومات، أنّ اشارة ما، تلقّتها أحزاب الثامن من آذار، للبدء بالعمل والتنسيق فيما بينها داخليًا، اضافة مع من قد يشاركها التحالف الانتخابي من خارج فريقها السياسي، تحضيرًا للانتخابات النيابية المفترض اجراؤها في أيّار 2026، أي بعد حوالي سنتين بالتمام والكمال. المستغرب بالطبع ليس في التوقيت التقني وحده، فأقل من 21 شهرًا ليس بالمدّة الطويلة في حال وجود نية جدية لاجراء الانتخابات، ولكن الظروف التي يمر بها لبنان، لجهة الحرب التي لم تتوقّف منذ أكثر من 10 شهر، ووجود احتمال جدّي لتوسّعها، يفتح الباب على أسئلة عديدة:
من همس لهذه القوى بالتحرّك؟ وهل هناك معطيات جدية أن الانتخابات قائمة؟ وهل هناك نية لدى فريق حزب الله بالدعوة لانتخابات مبكرة في فترة ما بعد الحرب؟ وهل أصلًا هناك تطمينات أن الحرب لن تتوسّع فهلمّوا إلى الاستثمار السياسي والانتخابي لما حصل؟
تجزم مصادر هذا الفريق السياسي بوضوح، أن العمل اليوم هو عمل بمسارين، المسار الأوّل يتجسّد باحتمال قيام جولة قاسية موسّعة من الحرب، ولذلك يجري التحضير بشكل جدي وكبير لها، سياسيًا واعلاميًا واغاثيًا بالطبع، دون أن يُهمل المسار الثاني الذي يقول أن الحل السياسي قد يكون حاضرًا وتعود القوى السياسية في مرحلة ما بعد الحرب لمعاودة نشاطها كما كان قبل السابع من تشرين 2023.
تؤكّد المصادر، أنّه ليس لدى حزب الله والحلفاء النيّة لترويج فكرة الدعوة لانتخابات مبكرة، وذلك لعدم الحاجة السياسية لذلك. وتكشف، أن الحرب أنتجت، من وجهة نظرها، التفافًا سياسيًا كبيرًا حول المقاومة، وهو ما تسعى قيادتها للحفاظ عليه في فترة ما بعد الحرب، وهو ما لا علاقة له بتاتًا في التحضير للانتخابات.
في هذا الاطار تنفي المصادر، على سبيل المثال لا الحصر، أن يكون هناك أي مسعى حقيقي لاستثمار التقارب فريق حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي انتخابيًا الآن، دون أن يمنع ذلك أن يقود "الموقف الوطني المتقدّم" للنائب السابق وليد جنبلاط نحو اختلاف في التعاطي مع الملفات الانتخابية والسياسية في مرحلة ما بعد الحرب، لا فيما سيتعدّل على التحالفات التي رسمت مشهد انتخابات 2022.
في المحصّلة، لا يعيش هذا الفريق حالة نكران للواقع، وهو يعلم تمامًا أثمان الحرب ان اندلعت، ولكن في الوقت عينه يبدو أن سقطات ما بعد حرب تموز تركت أثرًا يقول أن عدم الاسثمار في السياسة خاطئ ومن يكسب في المعادلات الاقليمية يجب ألّا يخسر في المعادلة الداخلية.